أما دليل حل النساء الكتابيات بالنكاح فقول الله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [المائدة: ٥]، فإن المراد بالمحصنات هنا الحرائر يؤيده وصف الإيمان الذي قيد به نكاح الإماء عند فقد الطول وخوف العنت في قوله تعالى: ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [النساء: ٢٥]، أما حل وطء الكتابيات بملك اليمين فلعموم قول الله تعالى: أو ما ملكت أيمانكم»، وهذا الحل هو من جملة ما خص الله تعالى به المسلمين في علاقتهم بأهل الكتاب دون غيرهم من الكافرين، ومن ذلك حل ذبائحهم، ومنه الاتفاق على تقريرهم على دينهم، مع أخذ الجزية منهم، وممن ألحق بهم وهم المجوس، ويراد بذلك تمكينهم من الاطلاع على محاسن الإسلام لعلهم يسلمون، ولهذا كان سهم المؤلفة قلوبهم من جملة مصارف الزكاة، وهو دليل على أن الكفر وإن كان كله شرا فإن بعضه أخف من بعض.