١٦ - «و كل عقد بيع أو إجارة أو كراء بخطر أو غرر في ثمن أو مثمون أو أجل؛ فلا يجوز».
روى مسلم (١٥١٣) وأصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ نهى عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر»، وفي الموطإ (١٣٦١) عن سعيد بن المسيب مرسلا أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الغرر»، وبيع الحصاة أن يقول بعتك من هذه الأثواب ما وقعت عليه الحصاة ويرمي الحصاة، أو من هذه الأرض ما انتهت الحصاة إليه في الرمي، وقيل غير ذلك، وعطف الغرر على بيع الحصاة من عطف العام على الخاص، وما قاله المصنف قاعدة عامة فيما يتعين أن تخلو منه العقود، وإلا لم تجز، وقد ذكر هنا البيع وهو ما تملك به الرقبة أي الذات، والإجارة وهي ما تملك به منفعة الآدمي غالبا، والكراء وهو ما تملك به منفعة الدواب والعقار، فهذه إن كان في عقدها خطر أو غرر في الثمن أو في المثمن أو في الأجل لم يجز العقد، والأصل فيما لا يجوز الفساد، فيفسخ قبل الفوات، فإن حصل الفوات بواحد من المفوتات كتغير الذات في البيع، أو استيفاء المنافع في غيره؛ فالمطلوب في البيع غرم قيمة السلعة متى اتفق على الفساد، وغرم ثمنها حيث لم يتفق عليه، أما في غير البيع فالواجب أجرة أو كراء المثل، والفرق بين قيمة الشيء وثمنه سيأتي ذكره إن شاء الله، وينبغي أن يستثنى من ذلك ما دل الشرع على جوازه باستثنائه إياه من الممنوع، لما فيه من المصلحة كما سيأتي في بيع السلم والقراض والمساقاة والعرية وغيرها، فلا يصح الاعتراض بمثل تلك القاعدة على ما ثبت جوازه بالنص أو بالإجماع.
و الخطر والغرر عند بعضهم واحد، وقد وصف مالك بهما بعض البيوع مع العطف بالواو في المدونة، وفي الموطإ في أكثر من باب، ومن ذلك (المزابنة والمحاقلة)، و (بيع الغرر)، فالمؤلف مقتد به في ذلك، وقيل إن الغرر «هو ما شك في حصول أحد عوضيه أو