سباع الطير هي نفسها ذوات المخالب، ومفردها مخلب بكسر الميم وفتح اللام وهو للطير بمنزلة الظفر للإنسان، قال الباجي:«وأجاز مالك أكل الطير كله ما كان له مخلب، وما لم يكن له مخلب، قال مالك: لا بأس بأكل الصرد والهدهد ولا أعلم شيئا من الطير يكره أكله»، انتهى، الصرد كرطب طائر فوق العصفور يصيد العصافير، أبقع ضخم الرأس، غذاؤه اللحم»، قاله الدميري في حياة الحيوان باخنصار، وقد تقدم الحديث الوارد في النهي عن ذوات المخالب من الطيور وقد جمعت مع ذوات الأنياب من السباع، والمناسبة بينهما واضحة، فما قيل في واحد منهما يقال في الآخر، وقد تقدم الكلام على احتجاجهم بآية سورة الأنعام، واحتجوا أيضا بعموم قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ (٤)﴾ [المائدة: ٤]، قال الباجي بعد ذكره هذه الآية محتجا بما فيها من العموم على جواز أكل ذوات المخالب من الطيور:«ولم يفرق بين ذي مخلب وغيره، ودليلنا من جهة القياس أن هذا طائر فلم يكن حراما كالدجاج والإوز»(؟؟)، وهو قياس كما ترى فاسد الاعتبار، والذي قبله عام وتخصيصه بالنهي عن ذوات المخالب لا إشكال فيه، هذا بعد التسليم أن المراد من الآية ما ذكره الباجي، وإلا فإن معنى قوله تعالى ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ﴾ كما عليه جمهور المفسرين أن الله تعالى أحل لنا الطيبات وصيد ما علمنا من الجوارح التي نعلمها وندربها عليه.