للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج بعضهم بذكر الخيل مقترنة بالحمير والبغال، وهما محرمان، وهذه دلالة اقتران وهي ضعيفة، ولو لم يوجد غيرها لأمكن الاعتماد عليها كما في قضاء الحامل والمرضع حيث قرنتا بالمسافر، أما هنا فقد جاء التنصيص على الحل، وهو حديث أسماء بنت أبي بكر قالت: «ذبحنا على عهد رسول الله فرسا ونحن بالمدينة فأكلناه»، رواه الشيخان، والتفصي من الاستدلال به بالقول إنه واقعة عين فيمكن أن يكون ذلك عن ضرورة بعيد، فإن الأمر جرى بالمدينة، وكيف لا تذكر أسماء ما دفعهم إلى أكله لو كان حال ضرورة وذكره أولى من ذكر مجرد الأكل؟، فالظاهر أنها ذكرته مستدلة على الحل، وما يجري في بيت أبي بكر لا يخفى عن النبي ، بل الغالب أن يهدى له منه، فكيف إذا جاء في رواية أحمد لهذا الحديث أن أهل بيت النبي أكلوا منه أيضا؟، وقد روى الترمذي عن جابر قال: «أطعمنا رسول الله لحوم الخيل، ونهانا عن لحوم الحمر»، وهو في صحيح مسلم نحوه.

وقول المصنف: «ولا ذكاة في شيء منها إلا في الحمر الوحشية»، يريد أن الذكاة في الخيل والبغال والحمير لا تنفع، فلا يحل بذلك أكلها، ولا تطهر بالذكاة جلودها، وقد تقدم قولهم بطهارة جلود السباع إذا ذكيت لذلك، وهذا بخلاف الحمر الوحشية فإنها إذا ذكيت حل أكلها وطهرت جلودها، فإن استؤنست مدة ثم عادت إلى التوحش كانت حلالا أيضا بالنظر إلى أصلها، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>