للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٢١ - «وللمطلقة رضاع ولدها على أبيه، ولها أن تأخذ أجرة رضاعها إن شاءت».

كلام المؤلف هذا يدل على أن أهل المذهب لا يحملون الوالدات في آية سورة البقرة على العموم كما تقرّر سابقا، اللهم إلا أن يكون المقصود منها أحقية الأم في رضاع ولدها، لا وجوب ذلك عليها، فهذا لا بأس إذا حمل معه لفظ الوالدات على العموم، لكنهم يقولون بوجوبه عليها في العصمة، ودليل ما ذكره هو قول الله تعالى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٦]، ومعنى كلامه أن المطلقة طلاقا بائنا، أو رجعيا مع خروجها من العدة؛ ترضع ولدها أيضا، لكن إن اشترطت الأجرة على ذلك؛ أجيبت إلى طلبها، ويقضى لها بإرضاع ولدها، ولو قال الوالد عندي من ترضعه بلا أجرة، أو بأقل من أجرة المثل، لكنها إن طلبت أكثر من أجرة المثل؛ فالخيار للوالد بين تركها ترضع ولدها، أو استرضاع غيرها، والظاهر أن أهل المذهب يرون أن الرضاع يكون تارة حقا على الأم وذلك فيما إذا كانت في العصمة، وتارة حقا لها كما هو الأمر هنا، ولا مانع من القول إن الرضاع حق لها، كما أنه حق عليها باستمرار، ما لم يمنع من ذلك مانع شرعي كحالة تزوجها، لقول النبي : «أنت أحق به ما لم تنكحي»، فإنه من البعيد أن تمنع الحضانة، ثم تلزم الرضاع، ولا ينافي أنه حق عليها أن تأخذ أجرها، فإنها حينئذ تكون كأم موسى ترضع ابنها، وتأخذ أجرها، ولا يصح أن نرتب على أنه حق لها ثبوت الأجرة، ولا على أنه حق عليها سقوط الأجرة كما ذهب إليه الشيخ علي الصعيدي العدوي في حاشيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>