للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغفلة» (١)، وفي رواية لهذا الحديث: «ليأخذ كل رجل برأس راحلته، فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان»، فيؤخذ منه أن من نام عن صلاة يشرع له أن لا يصليها في الموضع الذي نام عنها فيه، والتعريس نزول المسافر في أخر الليل ليستريح.

• ومما جاء النهي عنه الصلاة بين السواري، جمع سارية، وهي الأسطوانة التي يقام عليها السقف، ويشد بها البناء، والظاهر أن النهي خاص بالجماعة لثبوت التخصيص من فعل النبي ، وأن علة النهي ما في ذلك من تقطيع الصف، وقيل لكونه موضع النعال، وقيل غير ذلك، والظاهر أن يقيد ذلك بما إذا اتسع المسجد، وبما إذا لم تترتب عليه مفسدة تقطيع صفوف أخرى أو مزاحمة في صف متقدم يُضَيق على الذين هم فيه، أو التأخر عن الدخول في الصلاة حتى يكتمل الصف المقطوع بالسارية وغير ذلك مما لاحظناه على بعض إخواننا الذين يفرون من الوقوع في نهي واحد فيقعون في مناه عدة، وقد جاء في هذه المسألة حديث أنس (٢) قال: «صلينا خلف أمير من الأمراء، فاضطرنا الناس، فصلينا بين الساريتين، فلما صلينا؛ قال أنس بن مالك: «كنا نتقي هذا على عهد رسول الله ».

• ومن ذلك الصلاة قدام الإمام، فإنها مكروهة في المذهب لغير حاجة، وتبطل الصلاة بذلك عند بعض أهل العلم كالحنابلة، لظاهر قول النبي : «إنما جعل الإمام ليؤتم به،،، الحديث، وكيف يأتم بالإمام من كان أمامه؟، ولقول النبي : «تقدموا وائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله» (٣)، وهو دال على أن الذي يسوغ إنما هو ائتمام من لم ير الإمام بمن يراه، ومن كان أمام الإمام فإنه لا يراه، ولا يرى من يراه، وقد يقال يسمع صوته فيقوم ذلك مقام رؤيته، قيقال وإن لم يسمعه؟، لا


(١) كما هو عند أبي داود (٤٣٦).
(٢) رواه أبي داود (٦٧٣) والنسائي والترمذي (٢٢٩) وحسنه عن عبد الحميد بن محمود.
تنبيه: قال الحافظ رواه الحاكم بإسناد صحيح من حديث أنس، وهو في السنن الثلاثة، قلت: وهو شاهد لما رواه ابن ماجة (١٢٠٠) عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: «كنا ننهى أن نصف بين السواري على عهد رسول الله ونطرد عنها طردا»، وفيه هارون ابن مسلم قال عنه في التقريب مستور.
(٣) رواه مسلم (٤٣٧) الرواية (١٣٠) منه عن أبي سعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>