عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بعد الهجرة لما كثرت الخصومات من المشترين كما رواه البخاري (٢١٩٣) عن زيد بن ثابت.
واعلم أن بيع الثمر قبل بدو صلاحه إنما يمنع إذا بيع بشرط الإبقاء عليه في أصله، أو وقع البيع من غير اشتراط ذلك، فهذا يفسخ، فإن وقع بشرط الجذاذ في الحال، قالوا - أو قرب منه - فالبيع جائز بشرط أن يُنتفع به، لأن هذا شرط في كل مبيع، كما إذا كان يستعمل دواء، وربما أنضج بالوسائل الاصطناعية، ومما يجنى قبل نضجه الموز، ومما اشترطوه أن لا يتمالأ أهل البلد على هذا البيع أو أكثرهم، ولعل هذا الشرط لما يخاف من تفويت التمتع بالثمار بحيث تحول إلى غير ما هي له في الأصل، أو لأن ذلك يوهم من لا علم عنده بالجواز المطلق، والأمر الآخر أن يضطر إليه، كما يجوز شراؤه تبعا لأصله، ومتى وقع البيع على الوجه الممنوع فإنه يفسخ ويضمن البائع الثمرة ما دامت في رؤوس الشجر، فإذا جذها المشتري رطبة رد قيمتها، وإن كان تمرا رده بعينه إن كان قائما، وإلا رد مثله، وإلا قيمته، وإنما يمنع بيع الثمر قبل بدو صلاحه إذا انفردت الثمار بالبيع، أما إن كان المبيع هو الشجر أو الأرض فلا بأس إذا دخل الثمر والحب في الصفقة، يدل عليه قول النبي ﷺ:«من باع نخلا قد أبرت فثمرها للبائع إلا أن يشرطها المبتاع»، ففيه دليل على أن الثمر الذي لم يبد صلاحه له حصة في الثمن، وإلا ما كان هناك معنى لجعله للمبتاع متى اشترطه، والله أعلم.