٤٩ - «ومن طلق امرأته ثلاثا؛ لم تحل له بملك، ولا نكاح، حتى تنكح زوجا غيره».
الطلاق في اللغة الإرسال، وفي الشرع حل العصمة التي بين الزوجين، وحده ابن عرفة بقوله:«صفة حكمية ترفع حليةَ متعة الزوج بزوجته، موجبا تكررُها مرتين للحر، ومرة لذي رق؛ حرمتَها عليه قبل زوج»، انتهى، والذي يحل العصمة هو الزوج ووكيله، والقاضي عند الحاجة، وجماعة المسلمين عند فقد السلطان، والمملكة، والمخيرة كما سيأتي، والذي يحصل الآن من توثيق الطلاق بصدور الحكم؛ لا يعني أنه لا يقع حتى يصدر الحكم، متى طلق الزوج قبل ذلك، وإن كان المطلوب أن لا تتزوج المرأة حتى تنقضي عدتها بعد صدور القرار، لما يترتب على مخالفة هذا من المفاسد والمنازعات.
وللطلاق أربعة أركان هي ما أشار إليه خليل بقوله:«أهل وقصد ومحل ولفظ»، فالمراد بالأهل الموقع للطلاق، وهو المسلم المكلف، والمحل هو العصمة المملوكة قبل الطلاق تحقيقا، بأن يطلق من عقد عليها قبل الدخول أو بعده، أو تقديرا، وهي العصمة المقدرة قبل العقد، فإن المذهب نفاذ طلاق المرأة قبل الزواج متى علق على الزواج، كأن يقول لامرأة عند خطبتها أنت طالق، لأن مراده إن تزوجتك، وهذا ليس بشيء، لأنها عصمة لما تُملك بعد، ولأن الله تعالى قال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٤٩)﴾ [الأحزاب: ٤٩]، وقد جاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا عند أبي داود (٢١٩٠) من طرق؛ ما ينفي وقوع الطلاق قبل النكاح، منها قوله ﷺ:«لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك»، والثالث القصد إلى اللفظ، متى كان صريحا، أو كناية ظاهرة، وهكذا قصد حل العصمة بالكناية الخفية، فمن أراد أن يتكلم