بغير لفظ الطلاق، فتكلم به فليس بمطلق، ومثله من أكره على الطلاق على غالب الروايات، وقيد بعضهم عدم الوقوع؛ بترك التورية من العالم بها، وقيل يقع عليه الطلاق، والأول أقوى، ويدخل في هذا؛ الذي لقن لفظ الطلاق من غير علم بمعناه كمن لا يعرف العربية، والثالث الصيغة، وتنقسم إلى صريح، وهو ما فيه مادة الطلاق، ولا تفتقر إلى نية، بل يكفي القصد إلى اللفظ كما مر، وكناية وهي قسمان: ظاهرة وخفية، والأخيرة كل لفظ أراد به الطلاق كاذهبي وانصرفي وكلي واشربي!!، فهذه مفتقرة إلى النية دون الظاهرة، وقد قالوا إن اعتبار الكناية الخفية تطليقا؛ مبني على جواز قلب اللغة، وعدم اعتبارها تطليقا؛ مبني على عدم جواز قلب اللغة، وقد ذكره شارحو مراقي السعود وغيرهم، ولا أرى هذا يتجه حتى على القول بجواز قلبها، لأن اعتبار ذلك؛ متوقف على اصطلاح الناس على أن هذه ألفاظ للطلاق، فتصير من الحقائق العرفية، أما قلب الشخص وحده للفظ، واستعماله في غير معناه، كأن يقول لها كلي ويقصد الطلاق؛ فهو طلاق بالنية من غير لفظ، والطلاق بمجرد القصد غير معتبر، وقد قيل في المذهب إن الطلاق يقع بالعزم عليه.
قال ابن عبد البر في الاستذكار (٦/ ٢٤): «قال مالك: كل من أراد الطلاق بأي لفظة كان لزمه الطلاق حتى بقوله كلي واشربي وقومي واقعدي، ونحو هذا، ولم يتابع مالك على ذلك إلا أصحابه، والأصل أن العصمة المتيقنة لا تزول إلا بيقين من نية، أو قصد، وإجماع على مراد الله من ذلك».
وهذا الذي نقله ابن عبد البر عن الإمام من وقوع الطلاق من غير فرق بين لفظ وآخر متى قصده الزوج قال عنه ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٣٢/ ٣٠٢): «وأيضا فإن الطلاق لم يجعل الشارع له لفظا معينا، بل إذا وقع الطلاق بأي لفظ يحتمله وقع عند الصحابة والسلف وعامة العلماء لم ينازع في ذلك إلا بعض متأخري الشيعة والظاهرية، ولا يعرف في ذلك خلاف عن السلف، فإذا قال: فارقتك أو سرحتك أو سيبتك، ونوى به الطلاق وقع وكذلك سائر الكنايات»، انتهى، لكن الفرق واضح بين هذا الذي قاله ابن تيمية، فإنه مقيد بما يحتمله اللفظ، والذي قاله الإمام كما سبق.
وربنا الذي شرع النكاح لمصالح عباده، ومنها إنشاء صلات جديدة بين الناس