١١ - «وما غنم المسلمون بإيجاف؛ فليأخذ الإمام خمسه، ويقسم الأربعة الأخماس بين أهل الجيش».
حل الغنائم من خصائص نبينا محمد ﷺ وأمته، والأموال التي يحصل عليها المسلمون من الكفار قسمان: غنيمة وفيء، فالفيء من فاء يفيء إذا رجع، وفي الشرع كل مال حصل عليه المسلمون من الكفار من غير إيجاف خيل ولا ركاب، والإيجاف في اللغة سرعة السير، والمراد هنا لازم ذلك من التعب والحملات والقتال، والغنيمة في اللغة ما يناله المرء بالسعي، وخصها الشرع بما أخذه المسلمون من العدو بإيجاف.
وفي المذهب ولو لم يحصل القتال بالفعل كأن ينزل الجيش بأرض الكفار فيهربوا ويتركوا أموالهم، أما إذا تخلوا عنها قبل خروجه فليست غنيمة بالاتفاق، والمقاتلون ومن في حكمهم لهم حق معين في الغنيمة، قال الله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ (٤١)﴾ [الأنفال: ٤١]، ومفهوم كون الخمس لرسول الله؛ أن أربعة أخماس الغنيمة للمجاهدين، لكن هذا ليس على عمومه، فقد دل الدليل على أن سلب المقتول لقاتله على ما يأتي، وكذا الأسارى إذا رأى الإمام أن يمن عليهم ولم يسترقهم وقد تقدم، ويستثنى من الأخماس الأربعة؛ الأرض، فإنها لا تقسم، وقد استدل بعضهم على ذلك بقول النبي ﷺ فيما رواه مسلم (٢٨٩٦) عن أبي هريرة: «منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مدها ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم»، وفي هذا الاستدلال الذي ذهب إليه الطحاوي وأيده القرطبي في تفسيره (٨/ ٤) نظر لا يخفى، والمعول عليه في استثناء الأرض من القسمة على المقاتلين فعل عمر ﵁(١).
(١) ودليله فعل النبي ﷺ في خيبر فإنه لم يقسِمها على المقاتلين، وإنما ترك أهل خيبر يعملون فيها ويدفعون للمسلمين نِصف الغلّة.