١٠٦ - «ودخل مدخلها لحوم الخيل والبغال لقول الله ﵎: «لتركبوها وزينة، ولا ذكاة في شيء منها إلا في الحمر الوحشية».
يريد أن الخيل والبغال مثل الحمير في التحريم، فأما البغال فقد جاء في تحريمها حديث جابر عند أحمد والترمذي وقد تقدم، وهي متولدة من الأتن بعد نزو الخيل عليها، وفي الموطإ عن مالك أن أحسن ما سمع في الخيل والبغال والحمير أنها لا تؤكل، لأن الله ﵎ قال: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً (٨)﴾ [النحل: ٨]، وقال ﵎ في الأنعام: ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٧٩)﴾ [غافر: ٧٩]، وقال ﵎: ﴿لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ (٣٤)﴾ [الحج: ٣٤]،،، إلى أن قال:«فذكر الله الخيل والبغال والحمير للركوب والزينة، وذكر الأنعام للركوب والأكل»، انتهى، وهذا منه ﵀ احتجاج بأن الله تعالى ذكر ما خلق هذه الثلاثة له من المنافع، والأكل من أعظم المنافع ولم ينص عليه، لكن يقال إن التنصيص على بعض المنافع لا يدل على امتناع غيرها، واعتبر الباجي أن اللام في قوله تعالى ﴿لِتَرْكَبُوا﴾ وهي لام كي بمعنى الحصر، فدل ذلك على أن ما ذكر هو جميع ما أباحه الله لنا منها، ولو كانت ثمة منفعة غيرها لذكرها»، انتهى، وهذا كما ترى ليس بشيء، فهل يقال إن البقر والإبل والخيل والبغال لا يحرث عليها لأن ذلك لم يذكر، أو ليست البغال أقدر على حمل الأثقال من بعض الأنعام ولم يذكر ذلك من منافعها؟، وقد أجاد ابن العربي ﵀ في المسالك الرد على هذا الاحتجاج فانظره، كما أجاد ذلك القرطبي في تفسيره وابن عبد البر الرد على من اعتمد على آية سورة الأنعام في القول بإباحة ما لم يذكر فيها، وفي المقابل جود الزرقاني في شرحه على الموطإ الاستدلال لمذهب مالك، فانظره في كتاب الصيد.