١١٥ - «ولا يهجر أخاه فوق ثلاث ليال والسلام يخرجه من الهجران ولا ينبغي له أن يترك كلامه بعد السلام».
لما ذكر ما للمسلم على أخيه من الحقوق ومنها التسليم عليه إذا لقيه ذكر هنا ما يجوز له من هجرانه مؤقتا، بحيث لا يكلمه ولا يسلم عليه، وبين أن السلام يخرجه من الهجران يعني إذا قصد به ذلك، وإلا كان نفاقا كما قال بعضهم، فإذا خرج من السلام بالهجران فلا ينبغي له ترك مكالمته بعد ذلك لأنه يشعر باستمراره على مقاطعته، فالخروج من الهجران يكون بحسب صلة الهاجر بالمهجور من قبل، وقد جوز الشرع هذا الهجران مراعاة لحال الناس وطبائعهم وإلا فإن من غالَب طبعه وقاومه فتركه أصلا كان خيرا له، ودليل ذلك قول النبي ﷺ:«لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام»، رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن أبي أيوب، وهذا نص في التحريم بقيده، وقال ﷺ:«لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار»، رواه أبو داود عن أبي هريرة، ومعناه أن من فعل ذلك ومات على تلك الحال استوجب النار، لكن لا يلزم منه دخولها بالفعل لما قد يحصل له مما يغفر به ذنبه من الابتلاء والشفاعة وغير ذلك من المكفرات التي تقدم ذكرها في قسم العقيدة، ومع ذلك فحسب الفاعل هذا وعيدا، وقال النبي ﷺ:«من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه»، رواه أبو داود عن أبي خراش السلمي، وجاء أنه إن سلم عليه ثلاث مرار ولم يرد عليه فقد باء بإثمه»، وروى مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال:«تفتح أبواب الجنة كل يوم اثنين وخميس، فيغفر في ذينك اليومين لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا من بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا».