للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

١٢٦ - «والتوبة فريضة من كل ذنب من غير إصرار والإصرار المقام على الذنب واعتقاد العود إليه».

التوبة في اللغة الرجوع، وفي الشرع الرجوع عن أمر مذموم إلى أمر محمود شرعا، والمرجوع عنه ثلاثة أقسام: كفر، والتوبة منه إلى الإيمان، ومعصية، والتوبة منها إلى الطاعة، وبدعة، والتوبة منها إلى السنة، والتوبة واجبة من كل ذنب كبيرا كان أو صغيرا، وهذا لا يتنافى مع كون صغائر الذنوب تغفر باجتناب كبائرها، بشرط أن لا يصر على الصغائر، فإنها تصير بذلك كبائر، وتكون التوبة من الذنب المعلوم تفصيلا، ومن المجهول إجمالا، ولا تصح إلا بالندم على ما بدر من المرء من المخالفة، بشرط الإقلاع، والعزم على عدم العود إليه، وفي الحديث: «الندم توبة»، وفي الحديث: «التوبة من الذنب: الندم والاستغفار»، أما قوله من غير إصرار، فلأن الإصرار وهو الاستمرار على المعصية ينافى التوبة منها، وهكذا إضمار العود إليها لا تتحقق معه ماهيتها، وقد جاء في المرفوع من حديث عبد الله بن عمرو: «وويل للمصرِّين الذين يُصرُّون على ما فعلوا وهم يعلمون» وهو في مسند أحمد، والأدب المفرد. والمقام على الذنب هو بضم الميم الإقامة عليه والاستمرار، قال سهل بن عبد الله: «الجاهل ميت، والناسي نائم، والعاصي سكران، والمصر هالك، والإصرار هو التسويف، والتسويف أن يقول: أتوب غدا، وهذا دعوى النفس، كيف يتوب غدا، وغدا لا يملكه»؟، انتهى، وقال صاحب المرشد المعين:

وتوبة من كل ذنب يجترم … تجب فورا مطلقا وهي الندم

بشرط الإقلاع ونفي الإصرار … في ظاهر وباطن ذا استغفار

وقد تكرم الله تعالى بقبول التوبة ولو تكرر الذنب، فإنه سبحانه هو التواب الرحيم، وهو يحب التوابين، ووصف سبحانه من لم يتب بالظالم، وعلق الفلاح سبحانه على

<<  <  ج: ص:  >  >>