أن يعول على ما فيها في هذا العصر، لو كان المسلمون قائمين بالجهاد الذي فرضه الله عليهم، فإن العدد القليل مع العدة؛ يغني عن العدد الكثير مع انعدامها، أو ضعفها، ولا أحسب أن أحدا يكابر في هذا، وقد قيل:
اليوم فكرة عالم في مصنع … تغني عن الأسياف والأرماح
وتصد كل كتيبة موارة … خضراء تقذف بالكماة رداح
والعلم مصباح الحياة فنقبوا … من قبل أن تثبوا عن المصباح
وقد فسر نبينا القوة التي أمرنا الله بإعدادها بما رواه مسلم (١٩١٧) من حديث عقبة ابن عامر قال سمعت رسول الله ﷺ يقول وهو على المنبر: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾، ألا إن القوة الرمي ثلاثا»، وقد شهد العالم من التقدم في وسائل الحرب ما أصبح معلوما عند الخاص والعام أن القوة هي الرمي، لأنه ضرب للعدو من بعيد، وكان العلماء قي القديم يقولون عنه إنه أشد نكاية في العدو وأسهل مؤنة، وقال عمرو بن كلثوم:
نطاعن ما تراخى القوم عنا … ونضرب بالسيوف إذا غشينا
وقد كان مدى الرمي في عهده ﷺ لا يتعدى مئات الأمتار، وهو الآن يبلغ آلاف الكيلومترات، فغدت القوة منحصرة فيه كما حصرها فيه نبينا ﷺ، ولذلك كان حضه على الرمي قويا، فقد صح عنه قوله:«ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا»، رواه البخاري (٢٨٩٩) عن سلمة بن الأكوع، وروى الترمذي (١٦٣٨) وقال حسن صحيح عن أبي نجيح السلمي قال، سمعت رسول الله ﷺ يقول:«من رمى بسهم في سبيل الله فهو عدل محرر»، العدل بكسر العين - وتفتح - المثل، يعني أن رميه يعدل تحرير رقبة، وفي صحيح مسلم (١٩١٧) عن عقبة بن عامر، قال سمعت رسول الله ﷺ يقول:«ستفتح عليكم أرضون ويكفيكم الله، فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه»، قال الأبي (٦/ ٦٧٤) في شرحه على صحيح مسلم: «وإنما خرج مخرج اللهو إمالة للنفوس إلى تعلمه، فإن النفوس مجبولة على ميلها إلى اللهو»، انتهى، وربط الرمي وغيره من وسائل الحرب باللهو جاء في عدة أحاديث، منها ما رُوي عن النبي ﷺ أنه قال: «إن الله ﷿ يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر