للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

١١٦ - «والهجران الجائز هجران ذي البدعة أو متجاهر بالكبائر لا يصل إلى عقوبته ولا يقدر على موعظته أو لا يقبلها».

قال أبو داود بعد روايته حديث أبي هريرة المتقدم: «النبي هجر بعض نسائه أربعين يوما، وابن عمر هجر ابنه إلى أن مات، وقال: «إذا كانت الهجرة لله فليس من هذا في شيء، وإن عمر بن عبد العزيز غطى وجهه عن رجل»، انتهى، يريد أن الهجران المؤقت بثلاثة أيام هو ما كان لحظ دنيوي، أما ما كان لحق الله تعالى فالأمر فيه مختلف، وقد بين المؤلف ما يشرع معه ذلك، لكونه يدخل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو شيآن: فعل البدعة والمجاهرة بالمعصية الكبيرة، ويبدو أن الإصرار على الصغيرة مع المجاهرة مسوغ للهجران، فهذا لا يتقيد بثلاثة أيام، لأن الهجران حينئذ وسيلة من وسائل إصلاح الفرد، والمحافظة على الفرائض والفضائل.

وقوله: «والهجران الجائز»، يعني المأذون فيه، فقد يكون واجبا، أو دونه، وقد ذكر هجران ذي البدعة، والبدعة هي أن يحدث في الدين ما ليس منه عينا أو وصفا، وقد تكون مكفرة فلا إشكال في هجران مرتكبها، وتكون محرمة فيجب هجرانه متى تحقق الشرط، وتكون مكروهة وقد اختلف في هجران مرتكبها.

والأمر الثاني المجاهرة بالمعصية الكبيرة كشرب الخمر والسرقة والزنا وشهادة الزور، ولما كان الهجران غير مراد لذاته، وإنما لإصلاح المهجور قيده بقيود هي أن لا يقدر على عقوبة المخالف، فإن كان حاكما أو نائبا عنه أو والدا عاقبه بما يستحق من حد أو تعزير، أو غير ذلك مما يناسب، وهكذا إذا أمكنه أن يبلغ عنه الحاكم، وأين الحاكم؟، فلا يكفي في هذه الحالة الهجران.

والكلام في المجاهر بما ذكر، فإن لم يكن كذلك وقدر على وعظه بأمره ونهيه

<<  <  ج: ص:  >  >>