٢١ - «ومن حلف بالمشي إلى مكة، فحنث؛ فعليه المشي من موضع حلفه، فليمش إن شاء في حج، أو عمرة، فإن عجز عن المشي؛ ركب، ثم يرجع ثانية إن قدر، فيمشي أماكن ركوبه، فإن علم أنه لا يقدر؛ قعد وأهدى، وقال عطاء: لا يرجع ثانية، وإن قدر، ويجزئه الهدي».
من نذر المشي إلى مكة؛ تعين عليه أن يجعل مشيه في حج أو عمرة أيهما شاء، إن كان قد حج حجة الإسلام، لأن الناس إنما يمشون إلى مكة من أجل ذلك.
فإن قيل: إن المشي ليس بطاعة فكيف يلزمه الوفاء به؟، فالجواب: أن المشي لمن قدر عليه، يلزم معه الحج، لأنه مستطيع كما تقدم، فهو من الوسائل الواجب اصطناعها حينئذ، وقد اعتبر في كتاب الله تعالى من وسائل بلوغ الحرم، قال ربنا ﷿: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ﴾ [الحج: ٢٧]، فمن نذر المشي لزمه، وهو لا يكون نذر معصية إلا إذا أدى إلى مشقة فادحة، وقد نُص على ما ذكره المؤلف في المدونة (٢/ ٩): «قلت: ويجعلها في قول مالك إن شاء حجة وإن شاء عمرة؟، قال: نعم»، وينبغي أن يمشي في ذهابه كله إلى مكة، حتى ينتهي من سعيه إن اعتمر، ومن طواف الإفاضة إن حج، ويبتدئ المشي من موضع حلفه، فإن عجز؛ ركب، وأتم نسكه، ثم يعود فيمشي المواضع التي ركب فيها، وله أن يركب المواضع التي مشى فيها، فإن علم أنه لا يقدر على مشي تلك المواضع؛ أهدى ولا يلزمه ذلك
والذي يترجح هو قول عطاء ﵀ الذي أثبته المؤلف، وهو أنه إن عجز عن المشي أول مرة، فلا يلزمه الرجوع ليمشي ما ركب، بل يكفيه الهدي عن ركوبه لحديث ابن عباس أن عقبة بن عامر سأل النبي ﷺ فقال: إن أخته نذرت أن تمشي إلى البيت، وشكا ضعفها،