إنما أنكر مالك تقبيل اليد لأن أحاديثها لم تصح عنده على ظاهر قول المؤلف، وقال الأبهري:«إنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبر والتعاظم، وأما إذا كانت على وجه القربة إلى الله لعلمه أو لدينه أو لشرفه، فإن ذلك جائز»، بالنقل عن الفتح.
وقد جاء ما يدل على مشروعية تقبيل اليد وغيرها، من ذلك ما رواه أبو داود عن أجلح عن الشعبي أن النبي ﷺ تلقى جعفر بن أبي طالب فالتزمه وقبل ما بين عينيه»، لكنه مرسل، وقد جود أبو داود ﵀ في سننه أبواب هذه المسألة، فترجم لها تراجم هي: قبلة الرجل ولده، وروى تحتها تقبيل النبي ﷺ الحسين، والحديث في الصحيحين، وقول أبوي أم المؤمنين عائشة لها: قومي فقبلي رأس النبي ﷺ، وذلك في حادثة الإفك، والحديث في الصحيحين أيضا، وقبلة ما بين العينين، وأورد تحتها التزام النبي ﷺ جعفر وتقبيل ما بين عينيه، وقبلة الخد، وروى فيها تقبيل أبي بكر خد أم المؤمنين عائشة، وهو في صحيح البخاري، وقبلة اليد والجسد، وأورد تحتها تقبيل أسيد بن حضير كشح النبي ﷺ، وتقبيل وفد عبد قيس يد النبي ﷺ ورجله، وقد استثنى الألباني من تحسينه للحديث تقبيلَ الرِّجْلِ، وهذا كله لا يتنافى مع ما تقدم من عدم مشروعية التقبيل، لأن تقبيل الزوجة والولد مشروع، فأما تقبيل اليد فكذلك بالنسبة للوالدين، فأما تقبيل يد العالم فقد ذكر الألباني ﵀ لمشروعيته في الصحيحة قيودا أثبتها هنا، وهي أن لا يتخذ عادة، بحيث يتطبع العالم على مد يده إلى تلاميذه، ويتطبع هؤلاء على التبرك بذلك، فإن النبي ﷺ وإن قبلت يده فإنما ذلك على الندرة، وما كان كذلك فلا يجوز أن يجعل سنة مستمرة، وأن لا يدعو ذلك إلى تكبر العالم على غيره، ورؤيته لنفسه، كما هو الواقع مع بعض المشايخ اليوم، وأن لا يؤدي ذلك إلى تعطيل سنة معلومة كسنة المصافحة، فإنها مشروعة بفعله ﷺ وقوله، وهي سبب تساقط ذنوب المتصافحين، فلا يجوز إلغاؤها من أجل أمر أحسن أحواله أنه جائز»، انتهى باختصار.