إذا ردت السلعة كيفما كانت بسب العيب كانت غلتها للمشتري إلى وقت فسخ البيع لحديث عائشة ﵁ قالت:«قضى رسول الله ﷺ أن الخراج بالضمان»، رواه أصحاب السنن الأربعة (د/ ٣٥٠٨) وحسنه الترمذي، وقد قضى به عمر بن عبد العزيز بعد أن بلغه في مثل ما ذكره المؤلف، وروى أبو داود القصة سبب الورود مرفوعة وضعفها.
ومعنى الخراج «الغلة» كما جاء مبينا في رواية أبي داود، قال في النهاية:«الغلة الداخل الذي يحصل من الزرع والثمر واللبن والإجارة والنتاج ونحو ذلك»، انتهى، ومعنى الحديث أن الغلة مستحقة بسبب الضمان، فالمبيع إذا كان في ضمان المشتري بحيث يحسب عليه إذا تلف، ويقوم بالإنفاق عليه وبسائر مؤنته كانت غلته له نظير ذلك، قال الشيخ زروق:«وهذا عام في كل شيء أخذ بوجه جائز»، انتهى.
قلت: وقد اختلف في غلة المغصوب وسيأتي ذكره، والمراد عندهم الغلة غير المتولدة كركوب السيارة، وكراء الدابة، وسكنى الدار، قالوا وتشمل اللبن والسمن، أما الصوف فما نتج منها بين الرد والشراء فهذا كله للمشتري، واختلف فيما كان من الصوف تاما عند البيع، وفي التمر يشترطه المبتاع، فقال ابن القاسم هو للبائع، فيرده المشتري أو يرد مثله، وقال أشهب هو للمشتري، وهو في شرح زروق، والمذهب أن الولد جزء وليس غلة فيرد، قال الشوكاني في نيل الأوطار (٥/ ٣٢٦): «وهذا الخلاف إنما هو مع انفصال الفوائد عن المبيع، وأما إذا كانت متصلة وقت الرد وجب ردها بالإجماع.
ولا بد في كون الغلة للمشتري من لزوم البيع، فإن لم يكن لازما كبيع الفضولي ونحوه فلا، إلا أن يجيزه من له ذلك، ويشترط أيضا أن لا يكون استيفاء الغلة دالا على الرضا، كما لو استوفاها بعد الاطلاع على العيب، فتكون الغلة له لأن الرد بالعيب لا يقبل حينئذ.