٨ - «ثم يدخل يده في الإناء فيأخذ الماء، فيمضمض فاه ثلاثا من غرفة واحدة إن شاء، أو ثلاث غرفات، وإن استاك بأصبعه فحسن، ثم يستنشق بأنفه الماء ويستنثره ثلاثا: يجعل يده على أنفه كامتخاطه، ويجزئه أقل من ثلاث في المضمضة والاستنشاق، وله جمع ذلك في غرفة واحدة، والنهاية أحسن».
المضمضة: تحريك الماء في الفم، ثم طرحه، ولهذا قالوا إن ابتلعه لم يكن آتيا بالسنة، والاستنشاق جذب الماء بالنفَس إلى داخل الأنف، والاستنثار: إخراجه بالنفَس مع إمساكه بالإصبعين، وقد كره مالك الاستنثار بمجرد النفس، وقال «هكذا يفعل الحمار»، والحق أن إمساك الأنف بالسبابة والإبهام أولى لما فيه من يسر الاستفراغ والتنظيف وهكذا التحفظ من المخاط، وما يخرج من الأنف من الرطوبات، فإذا لم يضع إصبعيه على أنفه فقد تتقذر لحيته وثيابه، وقد يؤذي من كان بحضرته، كما يحصل ذلك للعاطس، والمتثائب، حيث أمرا بسد الفم، والتحفظ، والشرع كله محاسن، وأهل العلم يعبرون بالاستنشاق عن الاستنثار وبالعكس، لأن الغرض من الواحدة لا يتم أو لا يكون بدون الأخرى، وأفضل كيفيات المضمضة والاستنشاق؛ أن يجمع بينهما في غرفة واحدة، فيتمضمض منها، ويستنشق بما بقي، فإن فعل ذلك ثلاثا كان بثلاث غرفات، جاء ذلك في حديث عبد الله بن زيد المتفق عليه وهو عند أبي داود برقم (١١٩)، وفيه:«فمضمض واستنشق من كف واحدة، يفعل ذلك ثلاثا»، وهو أيضا في حديث علي عند أبي داود (١١١): «فمضمض ونثر من الكف الذي يأخذ منه»، وفي حديث ابن عباس الصحيح (خ/ ١٤٠): «أخذ غرفة من ماء، فتمضمض بها واستنشق، ثم أخذ غرفة من ماء فجعل بها هكذا، فأضافها إلى يده اليسرى،،،»، الحديث.