للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد أن أسماء الله تعالى كلها بالغة كمال الحسن ومنتهاه، وليست حسنة فحسب، فهي حسنى فيما دلت عليه من المعاني، وصفاته عُلَى، فهي على غير ما يوصف به غير الله، مما يلتقي فيه اللفظ والرسم، ويختلف المعنى كالرؤوف والرحيم والخبير والحكيم، فهذا مما يوصف به الله ويوصف به غيره، والمخلوق إذا قيل عنه عالم فعلمه معه الجهل، وقد سبق به، وإذا قيل عنه إنه قادر على كذا، فقدرته معها العجز، وهكذا فلا وصف فيه على الكمال والتمام، بخلاف المولى ﷿، ومن الأسماء ما لا يوصف به ولا يسمى به غير الله، كاسم الجلالة الذي هو علم على الذات المقدسة، والرحمن.

وأسماء الله تعالى توقيفية يقتصر فيها على ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ، وإذا ورد شيء من الصفات بصيغة الفعل فلا يصح أن يصاغ له تعالى منه اسم، ولا يتجاوز ما ورد فيها بالتصرف والاشتقاق، فإذا ورد الفعل لم يشتق له منه الاسم، وكذلك المصدر، وما ورد منها مضافا لا يذكر مقطوعا عن الإضافة، نحو خير الماكرين، وأسرع الحاسبين.

وهي مشتقة، بمعنى أن الرحيم يدل على وجود صفة الرحمة، والسميع يدل على صفة السمع، والبصير يدل على صفة البصر، والقدير على القدرة، وهكذا.

وأسماؤه تعالى لا تنحصر في عدد، وما ورد في الحديث الصحيح من أن لله تعالى تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة، لا يدل على أنها لا تزيد على ذلك، لأن ذلك إنما أخذ من مفهوم العدد، وقد اختلف فيه، فكيف إذا عارضه المنطوق وهو أقوى منه كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد (١) عن عبد الله بن مسعود قال، قال رسول الله : «ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ريع قلبي ونور صدري وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله حزنه وهمه، وأبدل مكانه فرحا،،، الحديث».


(١) الإمام أحمد (٣٧١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>