ولعلّ وجه اختصاص التسعة والتسعين بتلك المزايا لكونها هي الذي وردت في القرآن وفي السنة، وقد تتبعه بعض أهل العلم وأحصوه منهما، فهو الذي في إمكان الناس معرفته، والله أعلم.
أما الأسماء المذكورة في الحديث فمدرجة، قال الحافظ:«ولم يقع في شيء من طرقه سرد الأسماء إلا في رواية الوليد بن مسلم عند الترمذي، وفي رواية زهير بن محمد عن موسى بن عقبة عند ابن ماجة،،،»(١)، انتهى المراد منه، فالأسماء المذكورة عند المحققين إنما ألحقها بعض الرواة وأهل العلم، ومعظمها هي أسماء لله تعالى، وبعضها لم يصح فيه خبر، ولا هو في كتاب الله، وإن كان معناه صحيحا ومنه الباعث، والباقي، والوالي، والمعز، والصبور، وبعضها لا يصح أن يوصف الله به، مثل الضار، ومنها الثابت بالكتاب أو السنة ولم تذكر في الحديث كالمسعر والمنان والأعلى والطيب، ولعل بعضهم وقف على أسماء في حديث لم يصح، أو رأى صحة أخذ الاسم من الفعل أو غيره، وقد يكون بعضهم وقف على أسماء في السنة ولم يثبتها فيما جمع لأمر رآه كالمسعر، والصواب: خلافه، ومهما يكن فالصحيح من الحديث هو ذكر العدد وما يترتب على إحصائه من الثواب، ومما يؤسف له أن هذه الأسماء قد اعتقد كثير من المسلمين بل وكثيرمن أهل العلم أنها كلها أسماء الله، فدعوا الله تعالى بها قرونا، وهذا كله من شؤم التقليد، والتقليد ليس علما، ولجأ كثير منهم إلى كتابتها على جدران المساجد يزخرفونها بها، ويعلقونها في البيوت يتبركون بها، وهذا خلاف الصواب لو كانت أسماء لله حقا، فكيف وفيها ما ليس كذلك؟، والله تعالى لا يسأل ولاينادى إلا بأسمائه لقوله سبحانه: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠)﴾ [الأعراف: ١٨٠]، فيقال يا عزيز، ياعظيم، يا حليم، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي ياقيوم، ولا ينادى بما لم يثبت من ذلك، فإنه قد يشمله الإلحاد في أسمائه، فإن معناه الميل، ومنه تعطيل معانيها، أو تأويلها على غير اللائق بكونها حسنى، أو تسميته سبحانه بما لم يسم
(١) «فتح الباري» كتاب الدعوات باب لله مائة اسم غير واحدة من صحيح البخاري.