للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٩٤ - «ولا يحد الزاني إلا باعتراف».

هذا بيان لما يثبت به الزنا حتى يقام على مرتكبه الحد، وهو أحد أمور ثلاثة سبق ذكر قول عمر عنها: «والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف،،،»، ولكل من هذه الثلاثة دليله.

فأما الاعتراف فهو أن يقر على نفسه بالزنا، ولو مرة واحدة، وأن يستمر على الإقرار، ولا بد أن يكون ممن يصح منه الاعتراف بأن يكون بالغا عاقلا غير مكره ولا سكران، ودليله حديث أبي هريرة وزيد بن خالد المتقدم وفيه قول النبي : «واغد يا أنيس - لرجل من أسلم - إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها»، ومن ذلك ما رواه الشيخان عن أبي هريرة قال: «أتى رجل من المسلمين رسول الله وهو في المسجد فناداه فقال: «يا رسول الله إني زنيت»، فأعرض عنه، فتنحى تلقاء وجهه فقال: «يا رسول الله إني زنيت»، فأعرض عنه، حتى ثنى ذلك عليه أربع مرات، فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله فقال: «أبك جنون»؟، قال: «لا»، قال: «فهل أحصنت»؟، قال: «نعم»؟، فقال النبي : «اذهبوا به فارجموه»، وفي صحيح البخاري عن ابن عباس قال: «لما أتى ماعز بن مالك إلى النبي قال له: «لعلك قَبَّلْتَ أو غمزت أو نظرت»، قال: «لا، يا رسول الله»، قال: «أنكتها»؟، - لا يكني - قال: «نعم»، فعند ذلك أمر برجمه»، الغمز هنا هو الجس باليد، ويطلق على الرمز بالعين والحاجب، والظاهر من هذا أن على الحاكم أن لا يكتفي في الاعتراف بقول المقر زنيت، لإمكان اعتقاده أن الزنا يطلق على ما هو أعم من الإيلاج، فيبين ذلك له، ويستفصله في الأمور التي يجب فيها الحد حتى يصل به إلى اللفظ الصريح الذي لا يحتمل غير المواقعة كما فعل النبي مع ماعز، بل يستحب تلقين المقر ما يسقط عنه الحد، فإن في بعض روايات قصة ماعز قوله : «أشربت خمرا»؟، قال: «لا»، وهو حجة على عدم اعتبار إقرار السكران كما هو المذهب، لكنهم استثنوا من ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>