للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٦ - «ومن نذر اعتكاف يوم فأكثر لزمه، وإن نذر ليلة؛ لزمه يوم وليلة».

ظاهر كلامه أن من نذر يوما؛ لزمه دون ليلته، ووجهه أنه الذي تناوله نذره، مع أنه زمان للصوم الذي هو شرط في صحة الاعتكاف على المذهب، لكن الذي في المدونة (١/ ٢٠٢) خلاف هذا، قال فيها: «أرأيت الرجل إذا قال لله علي أن أعتكف يوما، أيكون ذلك يوما دون ليلته؟، فقال: لا، وذلك أن مالكا قال: أقل الاعتكاف يوم وليلة»، قال سحنون: «وقاله عبد الله بن عمر، وذكره ابن نافع»، انتهى.

أما من نذر ليلة؛ فيلزمه اعتكاف اليوم الذي يأتي بعدها، ووجهه أن ذلك أقله عندهم، مع شرطية الصوم فيه.

قال ابن العربي في أحكام القرآن: «وأما تقديره بيوم وليلة لأن الصوم من شرطه؛ فضعيف، فإن العبادة لا تكون مقدرة بشرطها، ألا ترى أن الطهارة شرط في الصلاة، وتنقضي الصلاة، وتبقى الطهارة،،،»، انتهى.

قلت: هذا لو ثبت أن الاعتكاف مشروط بالصيام، وذهب سحنون إلى أن من نذر اعتكاف ليلة؛ فهو لغو، لفقد شرط الصيام، ويرده اعتكاف عمر ليلة قضاء لما نذر في الجاهلية وقد تقدم، وقال الشافعي بعدم تحديد المدة، فيصح اعتكاف ساعة، واختاره ابن العربي إذ لا دليل يمنع، وفعل النبي على الاستحباب، قال: «وكان شيخنا فخر الإسلام أبو بكر أحمد بن محمد الشاشي إذا دخلنا معه مسجدا بمدينة السلام لإقامة ساعة؛ يقول لنا: «انووا الاعتكاف تربحوه»!، انتهى.

وقد روى عبد الرزاق (٨٠٠٦) عن يعلى بن أمية قال: إني لأمكث في المسجد الساعة، وما أمكث إلا لأعتكف»، وفي مصنف ابن أبي شيبة (٩٧٤٠) عن ابن جريج عن يعلى بن أمية أنه كان يقول لصاحبه: «انطلق بنا إلى المسجد فنعتكف فيه ساعة»، وهذا هو

<<  <  ج: ص:  >  >>