٢٦ - «ولا بأس بالصلاة على جلود السباع إذا ذكيت وبيعها».
لو قدم المعطوف على الشرط لكان أنسب، ومبنى جواز بيعها إما لأن لحوم السباع مكروهة تنزيها كما هو المشهور، ومثلها في ذلك الفيل والذئب والثغلب والضبع، سواء ذكيت للجلد أو للحم، وإما لأن الذكاة تعمل في محرم الأكل، فيطهر بها كما هو المشهور، فتجوز الصلاة على جلد ما ذكي، ويجوز من ثمة بيعه، والقول بكراهة لحومها بعيد، فإنه من الأقوال الضعيفة في المذهب، إذ كيف يقال بجواز ذلك مع ورود النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع، وذي مخلب من الطير.
وقد روى مالك في موطئه (١٠٧٠) عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «أكل كل ذي ناب من السباع حرام»، وترجمته على الحديث صريحة، إذ قال:«تحريم أكل كل ذي ناب من السباع»، ثم قال:«وهو الأمر عندنا»، وقال في المدونة:«لا أحب أكل الضبع ولا الذئب، ولا الثعلب، ولا الهر الوحشي، ولا الإنسي، ولا شيئا من السباع»، وقال:«ما فرس وأكل اللحم؛ فهو من السباع، ولا يصلح أكله؛ لنهي رسول الله ﷺ عن ذلك»، وقد تأول بعضهم اللفظ الذي رواه مالك في موطئه، فزعم أن المصدر مضاف إلى فاعله، فيكون المعنى أن ما أكله السبع من الحيوان؛ يحرم كما دل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ﴾، وهو من التمحلات العجيبة الغريبة، وللمسألة علاقة بالآيات التي فيه حصر المحرمات في سور البقرة والأنعام والنحل، والكلام عليها يطول، وحصر التحريم فيما دلت عليه هذه الأيات مذهب لبعض الصحابة، قال في مسالك الدلالة:«ولا ينبغي لعاقل أن ينقل ما ذكروه من الجواب عن هذا الحديث فإنه من الفضائح»، انتهى.
أما طهارة جلود السباع بالذكاة؛ فكيف يقال إن الذكاة مطهرة، وهو مما لا دليل عليه، ولا يؤخذ بما هو منصوص من أن دبغ الإهاب أي إهاب يطهره؟، فأهب السباع