كغيرها تطهر بالدباغ ذكيت أو لم تذك للعموم الوارد في ذلك، وقد تقدم، وإذا جاء في السنة ما يدل على المنع من استعمال جلود السباع؛ كان ذلك مخصصا لها من بين سائر الجلود، سواء تلك الطاهرة بأصلها، أو التي تطهر بالدباغ، وقد روى أبو داود (٤١٢٩) وابن ماجة (٣٦٥٦) عن معاوية ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تركبوا الخز ولا النمار»، والخز من الثياب ما كان سداه أو لحمته من حرير، وخلافهما من غيره كالصوف والكتان، والنمار بكسر النون جمع نَمر ككتف، وتكسر نونه أيضا، ويجمع أيضا على نمور، وهي رواية ابن ماجة، والنمر هو الحيوان المفترس المعروف، منقط الجلد وهو أخبث من الأسد وأسرع منه، ويظهر أن المراد من النهي افتراش الخز وجلود النمار بجعلها على المراكب، فيكون على حذف مضاف، أو من إطلاق الجزء على الكل، وجاء النهي عن لبس جلود السباع عموما والركوب عليها في حديث أبي هريرة والمقدام بن معديكرب وأبي المليح ابن أسامة عن أبيه عند أبي داود، وقد قيل إن علة المنع منها ما فيها من الزينة والخيلاء والتشبه بالأعاجم، قال الغماري في مسالك الدلالة عن مشهور المذهب في عدم طهارة الجلد بالدباغ، وطهارة جلود السباع به:«فجوازها مع ورود النهي عنها، والمنع من التي قبلها مع ورود الأمر بها من عجائب الدنيا».