القتيل الدم بالقسامة لكن إذا كان معروفا وقام على ذلك لوث، وفيه أن القسامة ليست لازمة لهم بل هم مخيرون فيها، وفيه رد اليمين إذا نكل من توجهت عليه، وفيه أن هذه الإحالة يمكن أن يرفضها المدعون لما يرونه من عدم جدواها، وفيه تحليف الكافر في نفي التهمة عن نفسه، وفيه دية الحاكم للواحد من رعيته من بيت المال متى لم يقم الدليل القاضي بدفع القاتل وعاقلته الدية، وفيه أن الدية مائة من الإبل، وأنها إن لم يمنع مانع تكون حَالَّةً، وفيه أن القسامة إنما اعتمدت في إثبات القتل إذا كان معها ما يقويها وهو هنا وجود القتيل في محلة القوم.
واعلم أن القسامة كان يعمل بها في الجاهلية، وهي عند الجمهور مما أبقاه الإسلام احتياطا للدماء، وقد جاء في ذلك حديث مسلم عن رجل من الأنصار أن رسول الله ﷺ أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية، وقضى بها رسول الله ﷺ بين ناس من الأنصار في قتيل ادعوه على اليهود»، وقد مر بك أن النبي ﷺ لم يقض بها، بمعنى أنه لم يجعلها لازمة يُلزم بها أولياء القتيل فيترتب عليها الأثر، فينبغي أن يؤول القضاء بهذا المعنى، ومن ثم فلا موجب للقول إن الصحابي الذي روى حديث مسلم المذكور قد أخطأ في استنباط قضائه ﷺ بها من حديث سهل ابن أبي حثمة كما ذهب إليه العلامة الشيخ محمد إسماعيل الكحلاني في سبل السلام (٣/ ٢٥٦)، وله سلف في إنكار القول بالقسامة، ثم إنه ﵀ حمل تصرف النبي ﷺ مع أولياء القتيل فيما عرضه عليهم من القسامة وكذلك ما عرضه عليهم من حلف اليهود لهم على أنه مجرد تلطف منه ليبين لهم كيف أن الحكم بالقسامة لا يجري على أصول الإسلام، وذكر أنه مما يبين أنه لم يحكم بها أنهم لما قالوا له:«وكيف نحلف ولم نحضر ولم نشاهد»؟، لم يبين لهم أن هذا الحكم في القسامة من شأنه ذلك، وأنه حكم الله فيها وشرعه، بل عدل إلى قوله:«يحلف لكم يهود»، فقالوا:«ليسوا بمسلمين»، فلم يبين لهم أن ليس لكم إلا اليمين من المدعى عليه مطلقا، مسلمين كانوا أو غيرهم، بل عدل إلى إعطاء الدية من عنده»، انتهى، قال كاتبه: «إقدام الأولياء على القسامة ليس إلزاما، لكن إذا قبلوه قضى به الحاكم، فمعنى