٤٠ - «فلا يفعل ما يضر بجاره من فتح كوة قريبة يكشف جاره منها، أو فتح باب قبالة بابه، أو حفر ما يضر بجاره في حفره، وإن كان في ملكه».
ما ذكره هنا كله داخل في الإضرار بالجار، وهو غير جائز، والكوة بفتح الكاف وضمها الطاقة، فإن كانت تكشف من الجار ما لا يجوز منع فتحها، وإن كانت مفتوحة على بستانه ففيها خلاف، والظاهر عدم المنع، ومن فتحها قضي عليه بسدها، وإن كانت سابقة على بيت الجار فلا يقضى بسدها، ولكن يمنع من التطلع على الجار منها، فإن كانت مرتفعة عن قامة المرء بحيث لا يمكن التطلع منها إلا بسلم لم يمنع من فتحها، وقال النبي ﷺ:«من ضيق منزلا أو قطع طريقا أو آذى مؤمنا فلا جهاد له»، رواه أحمد وأبو داود عن معاذ بن أنس، وكون الحديث فيه بيان عقاب المؤذي المؤمن لا يعني أن غير المؤمن يجوز ذلك معه، وتضييق المنزل وقطع الطريق يتجاوز المؤمن.
ومما مثل به المؤلف للمضارة أن يفتح بابا قبالة باب جاره إن كانت السكة غير نافذة، ومعنى ذلك أن عموم الناس لا يمرون بها، قالوا بخلاف ما إذا أحدث حانوتا قبالة باب جاره فإنه يمنع منه ولو كانت السكة نافذة، لكون الحانوت سببا في اجتماع الناس قبالة بابه، وتطلعهم على ما في الدار عند فتحه، ومما ذكره أن يحفر بئرا أو غيره قريبا من جدار جاره فيتصدع بسببه.
وهذه الأمور ونحوها صارت الدول تراعيها قبل الموافقة على الإذن بالبناء، كما يراعى الموضع المناسب لإحداث مواضع الحرف الفردية كالنجارة والحدادة والترصيص ومواد البناء حتى لا تسبب الإزعاج للسكان، وجرى العرف بتعليق الإخبار بذلك مدة ما وتلقي الاعتراضات قبل الموافقة، فيما يسمى بالمحاسن والمساوئ، أما المناطق الصناعية فيقضي التنظيم بفصلها عن العمران تماما وإلزام العاملين بتركيب الأجهزة والآلات المانعة من نشر تلوث الهواء والماء، وتقليل الأضرار، وكل هذه الأمور يعتبرها الشرع ويقرها وهي داخلة من غير شك في حديث لا ضرر ولا ضرار.