أبي موسى عند مسلم، وحديث عائشة الموقوف في الموطإ، وقد قالوا إن تشهد عمر له حكم المرفوع، لأنه مما لا يقال بالرأي، فإنه قاله في ملإ من الصحابة معلما، ولم ينكروه، ولعل مالكا اختاره لجريان العمل به فآثره على غيره من رواية الآحاد، وله نظائر كثيرة في موطئه، والله أعلم.
وفي تشهد ابن عمر وهو في الموطإ قال «السلام على النبي»، بدل صيغة الخطاب، قال الحافظ ابن حجر في (الفتح ٢/ ٤٠٦): «وورد في بعض طرق حديث ابن مسعود ما يقتضي المغايرة بين زمانه ﷺ، فيقال بلفظ الخطاب، وبعده فبلفظ الغيبة، فروى البخاري في الاستئذان من طريق أبي معمر عن ابن مسعود بعد أن ساق حديث التشهد قال: وهو بين ظهرانينا، فلما قبض قلنا السلام يعني على النبي،،،»، والتشهد من خواتم الكلم، كما قال رسول الله ﷺ:«أُعطيت فواتح الكلم وخواتمه»، قلت يا رسول الله: علّمنا مما علّمك الله ﷿، فعلّمنا التشهد» رواه أبو يعلى عن أبي موسى، وهو في الصحيحة.
والتحيات جمع تحية، يقال حياه إذا قال له حياك الله، فهي دعاء بالحياة، وهذا المعنى لا يليق بالله سبحانه، فإنه الحي لا يموت، بل المراد أن الله تعالى هو المستحق لأنواع التحيات التي تليق به وهي التعظيم والثناء، ولذلك وصفت في حديث ابن مسعود بالمباركات، وفي حديث أبي موسى الأشعري بالطيبات، وحذفت هنا لكون ذلك معروفا، أو لأن المراد منها الملك، إذ تطلق عليه لكون الملوك هم الذين يحيون بتلك الكلمة، وكانوا يحيون بالانحناء والركوع الذي لا يستحقه غيره سبحانه، أما وجه جمعها فلاستغراق أنواع تلك التحيات، فقد كان بعض العظماء يتميزون بتحيات خاصة، أو لتشمل مظاهر الملك من الظاهر والخفي والقريب والبعيد، فهي جميعا لله سبحانه بخلاف غيره، ومن إطلاقها على الملك قول القائل:
ولكل ما نال الفتى … قد نلته إلا التحية
وقال الآخر:
تحية كسرى في الأنام وتبع … لربعك لا أرضى تحية أربع