٠٨ - «وقال ﵊ في الشؤم إن كان ففي المسكن والمرأة والفرس».
لو جمع المؤلف ﵀ الكلام على الطيرة والشؤم والفأل لكان أحسن، لقرب ما بين هذه الأمور الثلاثة، أو وقوع بعضها في مقابل بعض، والحديث الذي ذكره رواه مالك عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعا بلفظ:«إن كان ففي الفرس والمرأة والمسكن»، وهو عند أحمد والبخاري، ورواه مالك أيضا عن ابن عمر بلفظ:«الشؤم في الدار والمرأة والفرس»، فقطع في الحديث الأخير بوجود الشؤم في الثلاثة، لكنه لا يدل على وجوده فيها ولا بد، بل إمكان وجوده، يرشد إلى ذلك ما في الحديث الأول حيث جاء بأداة الشرط الدالة على الندور والقلة بل والافتراض.
ولما كان النهي قد صح عن الطيرة، والشؤم هو الطيرة، فقد اختلف العلماء في معنى إثبات الشؤم في هذه الثلاثة، والذي ينبغي أن يجزم به عموم قدر الله، وأن شيئا لا يحصل إلا بإذنه، وأن الابتعاد عن التشاؤم هو المطلوب، والحديث إما أن يكون قد جاء على ما عليه طبائع الناس، لأن الأمور الثلاثة من أكثر الأشياء التصاقا بهم، وقد يتشاءمون بها، فجاء الحديث على هذا المعنى، لكن ليس فيه إقرار مشروعية التشاؤم، فإذا حصل للمرء شيء من ذلك فاء إلى الحق، لكن إن خرج عن هذه الأمور الثلاثة بتركها لنفرة نفسه منها، ولكي يصون قلبه عن خواطر السوء فلا حرج عليه، بل ربما تعين عليه ذلك حتى لا تتضرر عقيدته كما في حديث مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: جاءت امرأة إلى النبي ﷺ فقالت: دار سكناها والعدد كثير، والمال وافر، فقل العدد، وذهب المال، فقال رسول الله ﷺ:«دعوها ذميمة»، وقد رواه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود عن أنس نحوه، وهو في الصحيحة برقم (٧٩٠)، وقد ترجم مالك على الحديث بقوله:«ما يتقى من الشؤم»، يريد