أن المرء يبتعد عن أسبابه، فيترك ما تفر منه نفسه، وقد أرشدهم النبي ﷺ إلى ترك الدار، أي «دعوها وأنتم لها ذامون كارهون لما وقع في نفوسكم من شؤمها»، هكذا قال ابن عبد البر.
ومما يقوي هذا المعنى الذي ذكرته لإثبات التشاؤم بالثلاثة، ما رواه الترمذي عن حكيم بن معاوية مرفوعا:«لا شؤم، وقد يكون اليمن في الدار والمرأة والفرس»، ورواه ابن ماجة عن حكيم بن معاوية عن عمه مخمر بن معاوية نحوه، وقد ضعفه الحافظ معتبرا إياه مخالفا للأحاديث الصحيحة، وصححه الألباني، وإذا صح فلا أرى فيه معارضة، بل إنه قد تبين به أن الشؤم المثبت فيما سبق غير الشؤم المنفي هنا.
وما يحصل في النفس من تشاؤم بهذه الثلاثة سببه في الغالب ما تكون عليه من عدم الملاءمة للطبع كما يدل عليه قول النبي ﷺ:«من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة: من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء»، رواه أحمد عن إسماعيل بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده، وعزاه الشيخ عبد الرحمن البنا للترمذي ولم أقف عليه عنده، وفي رواية ابن حبان:« … المرأة الصالحة، والمركب الهني، والمسكن الواسع»، فانتظمت - ولله الحمد - النصوص التي تبدو متعارضة.