الأجير لا يسهم له، فإن قاتل أسهم له لوجود السبب، فإن فوت على مستأجره شيئا نقص من أجرته بحسب ما فوت عليه، ويتخلى عن الأجرة إن كانت جعالة لأجل الجهاد، حتى لا يجمع له بين البدل والمبدل منه.
وهذه مسألة هامة بالنظر إلى ما طرأ على تنظيم الجيوش من أوضاع، وانتشار ما يسمى بالاحتراف فيها لو افترضنا أن المسلمين قائمون بالجهاد الذي فرضه الله عليهم، والحال أن جيوشهم نظامية كما يقولون، أي أن أفرادها أجراء يتلقون رواتب لقاء عملهم، فهل يسهم لهم من الغنيمة أو لا؟، الجواب أن الذي يستحق الغنيمة هو من خرج بنية الجهاد حسب الظاهر، والله يتولى السرائر، والمذهب أن من استؤجر لأجل القتال؛ لا يسهم له، قال ابن عسكر في مختصره:«والأجير لمستأجره»، يعني يعطى المستأجر سهمه، وهذا فيمن استؤجر للجهاد، لا من كان أجير خدمة لفرد أو جماعة، وقال النبي ﷺ:«للغازي أجره، وللجاعل أجره وأجر الغازي»، رواه أبو داود (٢٥٢٦) عن عبد الله بن عمرو بن العاص، والجاعل من يدفع جعلا أي أجرة لشخص كي يغزو، فللغازي أجر السعي، وللجاعل أجران: أجر إعطاء المال في سبيل الله، وأجر كونه سببا في غزو غيره، وقيل الجاعل هو المجهز الغازي، لا المستأجر له، وقد يترجح هذا لكون الجهاد عبادة والشرع لا يشجع على الاستئجار فيها، فيكون هذا على غرار حديث:«من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا».
وقد اختلف في جواز الاستئجار للجهاد، فأجازه الحنفية، ومنعه الشافعي، والاستئجار الآن ليس من قبل الأفراد حتى يختلف فيه، بل هو من قبل الدول فيجوز، وقد قال ابن عبد البر في الكافي ص (٢٠٧): «ويجوز أخذ الجعل من السلطان لأنه شيء من حق