الغازي يأخذه»، انتهى، وإذا عم نظام الاستئجار للجهاد فيمكن أن يقال إن الغنيمة ما عادت أربعة أخماسها للمقاتلين بل أمرها إلى الإمام فتعطى حكم الفيء، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن أمر الغنيمة إلى الإمام يجتهد في توزيعها حسب المصلحة لظنهم أن قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ الآية، منسوخ بقوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ (١)﴾ [الأنفال: ١]، وهذا ليس بشيء، فإن إثبات كونها لله والرسول لا يتنافى مع جعل الأربعة أخماس للمجاهدين لأن ذلك حكم الله بلغه رسوله إلى الناس، والغرض من السياق صرف الصحابة عن الاختلاف في الأنفال، بل عليهم انتظار حكم الله فيها، وقد جاء فيما بعد من السياق.
أما إن تعلقت الإجارة بغير القتال، كمن خرج أجيرا عند مجاهد مثلا؛ فالظاهر أنه إنما خرج لهذا العمل فلا يسهم له، لأنه مستغرق في خدمة من خرج لنفعه، وهذا هو الذي سماه بعضهم الأجير الخاص، وهو أجير الخدمة، والأجير العام عندهم مثل الخياط والخراز غير المتقيد بشخص، فهذا إن كان في خدمة الجيش؛ فله حكم المقاتل، وإن كان يأخذ أجرة من الأفراد؛ فهو ملحق بالأول، والظاهر أنه لا فرق بينهما لأن كلا منهما خرج عاملا أجيرا، فإن قاتلا أسهم لهما وإلا فلا، مع أنه ينبغي أن ينقص من أجر خدمتهما بقدر اشتغالهما بالقتال.
ويدل على عدم الإسهام للأجير على القتال؛ حديث يعلى بن أمية - ومنية أمه - قال:«أذن رسول الله ﷺ بالغزو، وأنا شيخ كبير ليس لي خادم، فالتمست أجيرا يكفيني وأُجري له سهمَه، فوجدت رجلا، فلما دنا الرحيل؛ أتاني فقال: «ما أدري ما سهمك؟، وما يبلغ سهمي؟، فسم لي شيئا، كان السهم أو لم يكن»، فسميت له دنانير، فلما حضرت الغنيمة؛ أردت أن أجري له سهمه، فذكرت الدنانير، فجئت النبي ﷺ، فذكرت له أمره، فقال:«ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانيره التي سمى»، رواه أبو داود (٢٥٢٧)، وانظر الفتح (٦/ ١٥٢) وهذا يدل على أنه لا يأخذ شيئا من الغنيمة، كما أنه لا يحصل على أجر المجاهد، لأنه أخذ البدل.
ويدل على أن أجير الخدمة إذا قاتل يسهم له من الغنيمة؛ حديث سلمة ابن الأكوع