للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٤٦ - «والتنفل بالصوم مرغب فيه».

مراده التطوع بالصوم من غير تحديد بيوم من الأسبوع ولا من الشهر، لقول رسول الله : «من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا»، رواه أحمد والشيخان والترمذي والنسائي عن أبي سعيد الخدري ، وقد اختلف في المراد من لفظ سبيل الله، هل هو الجهاد، أو إخلاص العمل لله تعالى، والأول هو الظاهر، لأن الإخلاص غير مختص بالصوم في حصول الأجر، ولا ينافي ذلك أن الجهاد مظنة المشقة، فالفطر فيه ولو في رمضان قد يكون أولى، إذ يقال إن ذلك حيث لا مرجح للفطر، فيجمع المجاهد حينئذ بين الفضيلتين، أشار إليه الحافظ ابن حجر في الفتح، وقوله سبعين خريفا أي عاما لأن الخريف يأتي مرة واحدة في العام، وقال النبي : «كل عمل ابن آدم يضاعف: الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى ما شاء الله، قال الله ﷿: إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عنه فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فمه أطيب عند الله من ريح المسك»، رواه أحمد ومسلم والنسائي عن أبي هريرة.

ولا بأس أن أذكر شيئا عن صوم الجمعة وصوم الدهر وغيرهما هنا، والمذهب جواز إفراد يوم الجمعة بالصوم، وقد اعتمد مالك في ذلك على العمل، وصرح بأنه سمع بالحديث، قال ابن العربي في عارضة الأحوذي: «قال ابن أبي أويس: سئل مالك عن صوم يوم السبت، فقال: إن هذا الشيء ما سمعت به قبل، وقد كنت سمعت في يوم الجمعة ببعض الكراهية، فأما يوم السبت فلا»، انتهى، فهذا يرد قول من اعتذر عن مالك في قوله بجواز صوم يوم الجمعة بأنه لم يبلغه الحديث، وقوله في الموطإ: «لم أسمع أحدا من أهل العلم والفقه ومن يقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسن، وقد رأيت بعضهم

<<  <  ج: ص:  >  >>