يصومه وأراه كان يتحراه»، انتهى، ليس نصا في عدم علمه بالحديث، بخلاف النهي عن صوم يوم السبت فإنه ذكر أنه لم يسمعه، والصواب أن لا يفرد يوم الجمعة بالصوم لأنه عيد المسلمين والعيد لا يصام، لكن الجمعة يجوز صومها تبعا بأن يصوم يوما قبلها، أو يوما بعدها، ولا يلزم من كونها عيدا أن تكون مثل العيدين من كل وجه بدليل أنها تصام في رمضان وفي الكفارات، وفي نهيه ﷺ عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام من دون الليالي ويومها بصيام من دون الأيام عبرة لمن اعتبر، وهي أن مجرد كون الزمان فاضلا لا يلزم منه اختصاصه بعبادة، لأن كلا من الحكم بفضل الشيء على غيره، واختصاصه بفضل العبادة فيه؛ مفتقر إلى الدليل.
ويجوز صوم الدهر في مشهور المذهب، بل هو قول مالك كما في الموطإ قال: إنه سمع أهل العلم يقولون لا بأس بصيام الدهر إذا أفطر الأيام التي نهى رسول الله ﷺ عن صيامها، وهي أيام منى، ويوم الفطر ويوم الأضحى فيما بلغني، وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك»، انتهى، وقد جاء في صوم الدهر قول النبي ﷺ:«لا صام من صام الأبد»، رواه الشيخان والنسائي وابن ماجة عن عبد الله بن عمرو، وعن أبي قتادة قال: قيل يا رسول الله كيف بمن صام الدهر؟، قال:«لا صام ولا أفطر، أو لم يصم، ولم يفطر»، رواه أحمد ومسلم، وقد حمل الجمهور النهي على من تلحقه بذلك الصوم مشقة، أو يفضي به إلى التفريط في الحقوق، أو على من صام الدهر ولم يفطر في الأيام التي يحرم صومها، وهذه التعليلات متفاوتة في الضعف، وأبعدها الأخير، لأن صوم العيدين ليس صوما شرعيا حتى يدخل في الصوم، فالأولى الترك، وخير الهدي هديه ﷺ، كيف وقد بين أن أفضل الصوم صوم يوم وإفطار يوم، وهو صوم داود ﵇، قال ابن العربي في حديث النهي عن صوم الدهر:«إن كان دعاء فيا ويح من دعا عليه النبي ﷺ، وإن كان خبرا فيا ويح من أخبر عنه النبي ﷺ بأنه لم يصم، وإذا لم يصم شرعا فكيف يكتب له ثواب»؟، انتهى، قال خليل عن صوم التطوع المندوب: «وصوم عرفة إن لم يحج، وعشر ذي الحجة، وعاشوراء وتاسوعاء، والمحرم، ورجب وشعبان،،، إلى أن قال: وصوم ثلاثة من كل شهر، وقال عن