وهو ما دل عليه حديث جابر الواصف لحجة النبي ﷺ، ويؤذن بعد انتهاء الخطبة، ويقرأ سرا، ومن فاته الجمع مع الإمام جمع في رحله.
وقد نبه المؤلف بقوله:«ثم يروح إلى موقف عرفة»؛ إلى أن السنة أن يكون موضع الصلاة دون عرفة كما هو حال مقدم مسجد نمرة الآن، وكما فعل ذلك النبي ﷺ، فيسن للحاج أن يصلي خارج عرفة، ثم يروح إليها بعد الصلاة، وقد أرشد إلى ذلك النبي ﷺ بقوله:«وقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة»، وهي بضم العين وفتح الراء، تقع على حدود عرفة مما يلي مزدلفة غربي مسجد نمرة، وليست عرنة ولا نمرة من عرفات، ولا من الحرم، وجاء ذلك من فعله أيضا، كما في حديث جابر أن النبي ﷺ نزل بنمرة، حتى إذا زاغت الشمس؛ أمر بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس، ثم أذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم ركب حتى أتى الموقف، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلا،،، الحديث، وبطن الوادي المذكور هو عرنة، وذكر الأبي في شرحه على صحيح مسلم (٤/ ٢٥٤) أن عرنة ليست من عرفة إلا عند مالك، وما ذكره حكاه ابن المواز عن مالك أن من وقف في بطن عرنة؛ فقد تم حجه، ويريق دما، وهو في شرح زروق (١/ ٣٥٥).
وقد يُرد ذلك برواية مالك في الموطأ (٨٧٨) بلاغا أن رسول الله ﷺ قال: «عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن عرنة، والمزدلفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن محسر»، ووصله عبد الرزاق بنحوه كما في الاستذكار (٤/ ٢٧٤)، وعليه قول خليل مشبها في عدم الإجزاء:«كبطن عرنة، وأجزأ بمسجدها بكره»، وقد وسع المسجد كثيرا إلى جهة عرفة ويقف كثير من الحجاج داخله، ويظهر والله أعلم أن ثمة مواضع هي موضع اشتباه بين عرفة ومزدلفة، وبين مزدلفة ومنى، فينبغي الاحتياط بتجنب الوقوف بها.
والوقوف بعرفة من أعظم أركان الحج، وليس أعظمها كما يتبادر من قول النبي ﷺ:«الحج عرفة»،،، وهو طرف من حديث عبد الرحمن بن يعمر، رواه أصحاب السنن، ومعناه الحج الصحيح المعتبر هو ما وقف فاعله بعرفة، والمراد بالوقوف وجود الحاج بعرفة في جزء من الليل على المذهب سواء كان قائما أو قاعدا أو مارا، لكن يشترط في