٤٨ - «ولو طلق المريض امرأته؛ لزمه ذلك، وكان لها الميراث منه إن مات في مرضه ذلك»
ما تقدم من عدم الاعتداد بنكاح المريض؛ يناسبه أن يقال بعدم نفوذ طلاقه في المرض المخوف أيضا، وحيث لم ينفذ؛ فإنها ترثه لاحتمال أن يكون مضارا لها، كما احتمل فيما سبق أن يكون مضارا للورثة، ويبدو أن معتمدهم في التفريق بين المتزوج والمطلق في المرض المخوف؛ أن الأصل في الفروج الحرمة، فنجزوا عليه الطلاق، ولم يرتبوا عليه أثره، وهو حرمان المرأة من الميراث إذا مات في المرض الذي طلقها فيه، وهو متجه في النظر، ومعتمد مالك ليس هذا النظر فحسب.
فقد روى في موطئه (١٢٠٠) عن ابن شهاب عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: وكان أعلمهم بذلك، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف؛ أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته البتة وهو مريض، فورثها عثمان بن عفان ﵁ بعد قضاء عدتها، وهو في مصنف عبد الرزاق (١٢١٩١)، كما روى عن الأعرج أن عثمان بن عفان ورث نساء ابن مكمل منه، وكان طلقهن وهو مريض»، وقد جود هذه الرواية عبد الرزاق في مصنفه (١٢١٩٦)، قال ابن عبد البر في الاستذكار في باب طلاق المريض بعد ذكره من ذهب من الصحابة إلى توريث المطلقة في المرض ولو مبتوتة، وهم عمر وعلي وعائشة:«ولا أعلم لهم مخالفا إلا عبد الله بن الزبير»، فهذا يبين لك مستند مالك في القول بعدم صحة نكاح المريض مرضا مخوفا.
وروى أحمد في المسند عن سالم عن أبيه أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة، فقال له النبي ﷺ:«اختر منهن أربعا»، فلما كان في عهد عمرطلق نساءه، وقسم ماله بين بنيه، فبلغ ذلك عمر، فقال: إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع