للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٩ - «ومن استنكحه الشك في السهو؛ فَلْيَلْهَ عنه، ولا إصلاح عليه، ولكن عليه أن يسجد بعد السلام، وهو الذي يكثر ذلك منه: يشك كثيرا أن يكون سها زاد أو نقص، ولا يوقن؛ فليسجد بعد السلام فقط، وإذا أيقن بالسهو؛ سجد بعد إصلاح صلاته، فإن كثر ذلك منه، فهو يعتريه كثيرا؛ أصلح صلاته، ولم يسجد لسهوه».

قوله فَلْيَلْهَ، لَهِيَ عن الشيء، كرضي تركه، وقد تقدم حكم الساهي عن بعض أجزاء الصلاة، وحكم الشاك الذي يحصل له ذلك بين الحين والحين، وتكلم هنا على من استنكحه الشك، وعلى من كثر سهوه، والمستنكح بفتح الكاف، من داخله الشك، وكثر حصوله منه، فهو يشك هل زاد أو نقص، فالمطلوب منه أن يلهى عن الشك، أي يضرب عنه صفحا، ولا يلتفت إلى ما يجده في نفسه من ذلك، وعليه أن يسجد بعد السلام، ويظهر أن الإعراض عنه واجب، لأن من التفت إليه؛ أوشك أن يفتنه، فلا تستقيم له صلاة، وما أدى إلى ذلك كان مطلوبا حسم مادته، ولا حسم لها كعدم العمل عليه، لأنه ذريعة إلى الباطل، وقد يؤدي به التعب وكثرة الوسواس إلى ترك الصلاة رأسا، وعليه فإذا خطر له أنه ما صلى إلا ثلاثا في الظهر، قال ما صليت إلا أربعا، وصلاتي صحيحة، وقيل يعمل بأول خاطريه لأنه فيه سليم، وما بعده هو فيه شبيه بغير العقلاء، والحق أن المستنكح لا ينضبط له خاطر حتى يطالب بالعمل عليه، ومع ذلك قالوا إنه إن بنى على الأقل وأصلح صلاته وسجد صحت لأنه أتى بالأصل.

ودليل ما تقدم من عدم الالتفات إلى الشك ظاهر حديث أبي هريرة أن رسول الله قال: «إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبس عليه، حتى لا يدري كم صلى؟، فإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>