١٧ - «ومن قال أشركت بالله، أو هو يهودي، أو نصراني إن فعل كذا؛ فلا شيء عليه، ولا يلزمه غير الاستغفار».
سبحان الله، كيف ينطق المسلم بمثل هذا ونحوه من الألفاظ الغليظة المكروهة لله ورسوله وصالح المؤمنين؟، بل إن كثيرا من الناس ليتَفَوَّهُونَ بأعظم منها فلا يكادون يذكرون ربهم إلا في حالة الغضب ساخطين ناقمين، وتأمل كيف ذكر المؤلف هذا اللفظ بضمير الغائب ليتجنب ذكره بضمير المتكلم، فمن قال شيئا من هذا ونحوه ليمنع نفسه من شيء أو يحضها عليه فقد عصى ربه، فلزمته التوبة والاستغفار، لكن لا كفارة عليه، لأن هذا ليس يمينا، أما إن قال ذلك من غير يمين فهي في المذهب ردة، وفي حديث ثابت الضحاك عن النبي ﷺ قال:«من حلف على يمين بملة غير الإسلام؛ كاذبا فهو كما قال»، رواه الشيخان (خ/ ٦٦٥٢)، والملة بكسر الميم الدين والشريعة، وقد اختلف في معنى قوله ﷺ فهو كما قال، فقال بعضهم ظاهره أنه يكفر بذلك، وهذا والله أعلم إذا طابق قصده قوله من الإخبار عن نفسه بما ذكر، أما إن تخالفا؛ فالأمر ليس كذلك، قال الحافظ في الفتح (١١/ ٦٥٦): «التحقيق التفصيل، فإن اعتقد تعظيم ما ذكر؛ كَفَر، وإن قصد حقيقة التعليق فينظر: فإن كان أراد أن يكون متصفا بذلك؛ كَفَر، لأن إرادة الكفر؛ كفر، وإن أراد البعد عن ذلك؛ لم يكفر»، انتهى.
واعلم أن كون الألفاظ التي ذكرها المؤلف وما كان نحوها لم يلزم منها الردة لأنها خرجت مخرج اليمين، أما من قال: هو مشرك بالله، أو كافر، أو يهودي، أو نصراني، أو مجوسي من غير ربط؛ فإنه مرتد لأن هذه الألفاظ يحصل بها الارتداد على هذا الوجه في المذهب، قال الدردير في شرح المختصر (٢/ ١٢٨): «فإن كان في غير يمين فردة ولو هازلا».