(٦/ ٢١)، مع الاحتمال المتقدم، لكن أخرج الدارمي وابن خزيمة عن ثوبان قال: كنا مع رسول الله ﷺ في سفر، فقال:«إن هذا السفر جهد وثقل، فإذا أوتر أحدكم؛ فليركع ركعتين، فإذا استيقظ؛ وإلا كانتا له»، وانظر الصحيحة للألباني، الحديث (١٩٩٣)، وفيه دليل على استحباب ركعتين في السفر بخاصة بعد الوتر.
وكما أمرنا أن نجعل آخر صلاتنا من الليل وترا؛ فنحن منهيون عن تكرير الوتر، لقوله ﷺ:«لا وتران في ليلة»، رواه أبو داود (١٤٣٩)، فالأصل أن من صلى الوتر لم يتنفل في الليل، فإن تنفل خالف الحديث الأول، وإن صلى الوتر من جديد ليجعله آخر صلاته كما هو المطلوب؛ خالف الحديث الثاني، والوتر المأمور بجعله آخر صلاة الليل يكون بركعة وبغيرها من الأوتار كما علمت، لكن ورد عن كثير من أهل العلم من السلف والخلف خلاف ما قررته، إذ رأوا جواز النافلة لمن أوتر، ثم بدا له أن يتنفل، فالظاهر أن الأمر للاستحباب، والأولى أن يفعل مثل فعل النبي ﷺ.
ومما يذكر هنا ما رواه ابن القاسم عن مالك في الإمام يقرأ الآية فيها ذكر النار فيتعوذ المأموم، قال تركه أحب إلي، فإن فعل فسرا»، وقال عنه أيضا:«ولا بأس في النافلة أن يسأل الله الجنة، ويستعيذه من النار»، وقال عنه ابن نافع:«وإن كان في نافلة فمر بآية فيها استغفار فيستغفر، ويقول ما شاء الله، ولا بأس بذلك»، وقال عنه علي بن زياد:«ولا أرى في الوتر قنوتا إلا في النصف الآخر من رمضان»، وورد عنه نفيه مطلقا، وكل هذه الآثار في النوادر (القنوت وذكر الدعاء في الصلاة).
والحديث الذي فيه القنوت ليس فيه تحديد، فالظاهر أنه يشرع القنوت في كل العام من غير تحديد بشهر رمضان ولا غيره، والصواب: الاقتصار على ذلك الدعاء، وإلا لقال النبي ﷺ له كما قال في دعاء التشهد:«ثم ليتخير من الدعاء أحبه إليه»، والله أعلم.