للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

١٢١ - «ولا قطع في الخلسة».

الخلسة بضم الخاء وسكون اللام من الخلس وهو السلب، وهو الاختلاس أيضا، والمراد أخذ المال ظاهرا غفلة، فلا قطع فيها لأنها ليست سرقة، ويدل عليه حديث جابر قال: قال رسول الله : «ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع»، رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة، وقال الترمذي حسن صحيح، وفي الموطإ (١٥٢٨) عن ابن شهاب أن مروان بن الحكم أُتي بإنسان قد اختلس متاعا فأراد قطع يده، فأرسل إلى زيد بن ثابت فقال زيد بن ثابت: «ليس في الخلسة قطع»، انتهى، والمنتهب الآخذ علانية قهرا، والخائن الآخذ خفية، كأن يأتمنه المالك فيأذن له في دخول داره فيأخذ الشيء، وقد نقل ابن المنذر الإجماع على عدم قطع المختلس ولم يخالف إلا إياس بن معاوية.

فإن قلت: ما وجه التفريق في القطع بين السرقة والخلسة والخيانة والانتهاب وغيرها؟، فالجواب: أن الدليل إنما دل على القطع في السرقة، ومعناها معروف عند العرب، والقرآن نزل بلغتهم، وهذا يكفينا، فإن اهتدينا إلى شيء من الحكمة في هذا التفريق فذاك وإلا سلمنا وسكتنا، ونفي القطع لا ينفي التأديب والتعزير كما علمت، وقد قال القاضي عياض : «شرع الله تعالى إيجاب القطع على السارق، ولم يجعل ذلك في غيرها كالاختلاس والانتهاب والغصب لأن ذلك قليل بالنسبة إلى السرقة، ولأنه يمكن استرجاع هذا النوع بالاستغاثة إلى ولاة الأمور وتسهل إقامة البينة عليه بخلافها فيعظم أمرها، واشتدت عقوبتها ليكون ذلك أبلغ في الزجر عنها»، انتهى بالنقل عن عون المعبود (١٢/ ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>