٠٨ - «ويؤمر أن يغتسل عند الإحرام قبل أن يحرم، ويتجرد من مخيط الثياب».
هذا الاغتسال من أغسال الحج والعمرة الثلاثة في المذهب، وهو أوكدها، فإنه من سنن الإحرام، ويجوز فيه التدلك وغيره مما يرافق الاستحمام دون الاغتسال لدخول مكة، وللوقوف بعرفة، ولعل الغرض منه التنظف للإحرام، لاسيما والمحرم ممنوع من إزالة الشعر، وقص الظفر، والتطيب، وإزالة الدرن، ودليله حديث زيد بن ثابت «أن رسول الله ﷺ تجرد لإهلاله واغتسل»، رواه الدارمي والترمذي (٨٣٠) وحسنه، وصححه الألباني، والإهلال أصله رفع الصوت، ثم توسع فيه فأطلق على الإحرام، وهو المراد هنا، لأنه إنما يعرف برفع الصوت بالتلبية، وقال ابن عمر ﵄:«من السنة أن يغتسل إذا أرد الإحرام، وإذا أراد دخول مكة»، ذكره في سبل السلام، وهو في الموطإ (٧٠٩) من فعله للإحرام ولدخول مكة، ولوقوفه عشية عرفة، ويسن الغسل كذلك للحائض والنفساء لأجل الإحرام، ففي في الموطإ (٧٠٧) أن أسماء بنت عميس ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء، فذكر ذلك أبو بكر لرسول ﷺ، فقال:«مرها فلتغتسل، ثم لتهل»، وهو مرسل، وهو في صحيح مسلم وسنن أبي داود (١٧٤٣) عن عائشة موصولا، وجاء ذلك أيضا في حديث جابر الطويل في صفة حج النبي ﷺ، ودلالة الحديث على سنية الاغتسال للإحرام بالأولوية، لأن الحائض لا يرتفع حدثها، ومع ذلك أمرت بالاغتسال، فغيرها أولى، هكذا قيل، وقال الخطابي في معالم السنن:«فيه استحباب التشبه من أهل التقصير بأهل الفضل والكمال، والاقتداء بأفعالهم، طمعا في درك مراتبهم، ورجاء لمشاركتهم في نيل المثوبة،،،» انتهى باختصار، وهو نفيس فانظر بقيته، وما ذكره يدل على أنه يعلل اغتسال الحائض بالتشبه بأهل الفضل، كما في إمساك مريد الأضحية عن قص شعره وقلم أظافره