للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٢٢ - «فمن نكح امرأة حرمت بالعقد دون أن تمس على آبائه، وأبنائه، وحرمت عليه أمهاتها، ولا تحرم عليه بناتها حتى يدخل بالأم أو يتلذذ بها: بنكاح، أو ملك يمين، أو بشبهة من نكاح، أو ملك».

فصل هنا بعض ما أجمله فيما تقدم في المحرمات بالمصاهرة، وهو أن من عقد على امرأة ولو لم يمسها، حرمت على آبائه وأبنائه، وحرمت عليه أمهاتها، أما الآباء فلقول الله تعالى: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾، وأما الأبناء فلقوله ﷿: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾، وأما أمهات من عقد عليها؛ فلقول الله تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾، وإذا دخل بالمرأة، أو تلذذ بها، - قالوا ولو بمجرد النظر لغير الوجه والكفين - حرمت عليه بناتها لقوله تعالى: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾، وقيد ﴿فِي حُجُورِكُمْ﴾ خرج مخرج الغالب؛ فلم يعتبر جمهور العلماء مفهومه في تحريم بنت المنكوحة، بل هو عندهم من المفاهيم المهجورة، والتحريم بالنظر على ما تقدم لابن القاسم، والدخول بالمرأة يعرفه الناس من غير حاجة إلى بيان، وهو كناية عن المباضعة كما هو شأن كتاب الله تعالى في مثل هذا المقام، وهو معنى الإفضاء في قوله ﷿: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾، والله تعالى حيي كريم يكني، ومن اعتبر غير الجماع دخولا؛ فبالحمل عليه، ولأن الأصل في الفروج التحريم، وتحقيق معناه في اللغة هو الذي يعول عليه، وقد نصر القرطبي في تفسيره ما ذكره أهل المذهب من التوسع في معنى الدخول بالمرأة فقال: «والدليل على أن بالنظر يقع التحريم؛ أن فيه نوع استمتاع، فجرى مجرى النكاح، إذ الأحكام تتعلق بالمعاني لا بالألفاظ، وقد يحتمل أن يقال إنه نوع من الاجتماع والاستمتاع، وقد بالغ في ذلك الشعراء فقالوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>