للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٢ - أما بعد: أعاننا الله وإياك على رعاية ودائعه، وحفظ ما أودعنا من شرائعه، فإنك سألتني أن أكتب لك جملة مختصرة من واجب أمور الديانة مما تنطق به الألسنة، وتعتقده القلوب، وتعمله الجوارح، وما يتصل بالواجب من ذلك من السنن، من مؤكدها ونوافلها، ورغائبها، وشيء من الآداب منها، وجمل من أصول الفقه وفنونه، على مذهب الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى وطريقته، مع ما سهل سبيل ما أشكل من ذلك من تفسير الراسخين، وبيان المتفقهين، لما رغبت فيه من تعليم ذلك للولدان، كما تعلمهم حروف القرآن، ليسبق إلى قلوبهم من فهم دين الله وشرائعه ما ترجى لهم بركته، وتحمد لهم عاقبته، فأجبتك إلى ذلك لما رجوته لنفسي ولك من ثواب من علم دين الله أو دعا إليه.

أما بعد، عبارة يؤتى بها للفصل بين مفتتح الكلام والغرض منه، وقد صح عن النبي استعمالها كما في خطبة الحاجة والرسائل، وأصلها: مهما يكن من شيء بعد ما تقدم من البسملة والحمدلة مثلا، وسائر ما قيل قبلها، فإني أقول: أعاننا الله الخ، فأما نائبة عن أداة الشرط مهما، وبعد؛ قامت مقام المضاف إليه، وكل ذلك للاختصار، ولذلك يجاء بالفاء الرابطة بين الشرط والجواب في أول الكلام الذي يلي أما بعد، ولا تترك هذه الفاء في النثر إلا إذا حذف معها قول، كما أشار إليه ابن مالك في الخلاصة:

أما كمهما يك من شيء وفا … لتلو تلوها وجوبا ألفا

وحذف ذي الفا قل في نثر إذا … لم يك قول معها قد نبذا

وقوله: «أعاننا الله وإياك على رعاية ودائعه»، من محاسن هذا التأليف، وهو أن

<<  <  ج: ص:  >  >>