للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٤٢ - «وفريضة الجهاد عامة يحملها من قام بها إلا أن يغشى العدو محلة قوم فيجب عليهم فرضا قتالهم إن كانوا مثلي عددهم».

ما كان من الجهاد لأجل رد من غزا بلدا مسلما فهو من فروض الأعيان على سكان البلد بخاصة، ومن جاورهم من المسلمين الأدنى فالأدنى بعامة، أما ما زاد على ذلك من تأمين سلطان الإسلام والدعوة إليه فهو من فروض الكفاية إلا أن من عينه الإمام تعين عليه الجهاد، أما ما ذكره من القيد بخصوص لزوم قتال الكفار إذا غشُوا أي غزوا محلة قوم فلقول الله تعالى: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٦٦)[الأنفال: ٦٦]، والإخبار عن غلبة المائة الصابرة من المسلمين للمائتين يقتضي صمود هذا العدد وتحريم الفرار ويقتضي كذلك تحقيق مناط الصمود وهو التدرب وتعلم فنون القتال والتعود على الصبر والاحتمال، وبهذا أمر الله نبيّه أن يحرض المؤمنين على القتال، ويقتضي كذلك عدم التعويل على كثرة العدد والاتجاه إلى تقوية نفس الفرد وإقناعه بما يقاتل من أجله وهو ابتغاء مرضاة الله، فإن كان الكفار أكثر من مثلي عدد المسلمين ساغ لهم الفرار، كذا قالوا، لكن لا يجوز لهم ذلك إن هم بلغوا اثني عشر ألفا، ودليل ذلك قول النبي : «خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة»، رواه أبو داود والترمذي عن ابن عباس، والمراد بالصحابة صحبة السفر، ولا يتنافى ذلك مع حديث: «الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة الركب»، رواه مالك وأحمد وابو داود والترمذي عن ابن عمرو، لأن ذلك أقل ما يخرج به عن المرغوب عنه، والذي نحن فيه فوقه، والسرية القطعة من الجيش تسري بالليل فهي بمعنى فاعلة، وفيه ما تقدم من ترك الاعتماد على العدد وحده، ولذلك أخبر أن غلبة غير المسلمين للمسلمين لا

<<  <  ج: ص:  >  >>