وإيمانا، ولذلك جاء التعقيب على ذكر أنواع من علوم الحياة بقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨)﴾ [فاطر: ٢٧ - ٢٨]، أي إنما يخاف الله من علم قدرته وسلطانه كما قال ابن عباس، ولا تظنن أن المراد بالعلماء هنا هم العلماء بالنبات والحيوان والتربة والأجناس البشرية فحسب، وإلا لكان الكفار وما أوسع علمهم بهذه الأمور وغيرها؛ أخشى من المؤمنين لله، وقد نفى الله عن أكثر الناس العلم، وإن أثبت لهم العلم ببعض ظاهر الحياة الدنيا كما في أوائل سورة الروم، فعلم الحياة يفيد في الخشية من الله بقيد أن يكون قد سبق للعالم به معرفة الله والإيمان به.
وقد جمعت هذه العلوم الثلاثة في قول الله تعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)﴾ [الأعراف: ٥٤]، وقوله: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (١٢)﴾ [الطلاق: ١٢]
والمرأة مثل الرجل فيما هو مطلوب منه من العلم العيني، فإن علمها زوجها فذاك، وإلا قضي لها بالخروج للتعلم، ويتأدى فرض الكفاية بتعلمها فيما يجوز لها مباشرته والعمل فيه، أما ما لا يجوز لها مباشرته والعمل فيه فعلمها لا يتأدى به الفرض الكفائي لأن وجودها فيه كالعدم في نظر الشرع.