اختار المؤلف ﵀ كلمة الاتباع لخلوها عن شائبة الخلاف، عكس التقليد، فإن من العلماء من رأى التقليد والاتباع شيئا واحدا، ومنهم من فرق بينهما، فإن الوارد في القرآن والسنة إنما هو الاتباع كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ﴾ [التوبة: ١٠٠]، وقال تعالى: ﴿وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٨]، ولو افترضنا تساويهما فإن استعمال الألفاظ الواردة في النصوص المعصومة مقدم، فالرجل من العامة إذا سأل من كلفه الله سؤاله وعمل بقوله فقد قام بما عليه فيكون متبعا له، وهكذا إذا كان للمرء نوع قدرة على الموازنة بين الأقوال، واطمأن إلى قول عالم فأخذ به فإنه متبع له أيضا، بخلاف ما إذا تعصب له أو علم أنه غير محق وعمل بما قال.
والتفريق بين التقليد والاتباع هو ظاهر صنيع أبي عمر بن عبد البر، فإنه قال في الجامع:«باب فساد التقليد ونفيه، والفرق بينه وبين الاتباع»، ثم بين ﵀ أن الله ﵎ ذم التقليد في غير موضع من كتابه، وساق نصوصا للتدليل على ذلك، لكنه استدرك فقال:«وهذا كله لغير العامة، فإن العامة لا بد لها من تقليد علمائها عند النازلة تنزل بها، لأنها لا تتبين موقع الحجة،،،»، انتهى.
قلت: لكننا نسمي هذا منهم اتباعا لهم لا تقليدا على الشرط السابق.
ثم نقل عن ابن خويز منداد أن التقليد معناه في الشرع الرجوع لقول لا حجة لقائله