للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، وذلك ممنوع منه في الشريعة، والاتباع ما ثبت عليه حجة، كما نقل قوله: «كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح، وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه، والاتباع في الدين مسوغ والتقليد ممنوع»، انتهى، فالتقليد ليس بعلم، وهو مذموم على العموم، إلا إذا استثني.

وقد ذكر الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى- (١) تفصيلا حسنا للتقليد حيث قسّمه إلى ثلاثة أقسام: قِسم يحرم القول به والمصير إليه، وقِسم يجب القول به والمصير إليه، وقِسم يسوغ المصير إليه من غير إيجاب، وهو كلام قيّم من ابن القيم، فليرجع إليه من أراد البصيرة، وقال عن اتباع السابقين الأولين: «ولو كان اتباعهم تقليدا محضا كتقليد بعض المفتين ما استحق من اتبعهم الرضوان إلا أن يكون عاميا، فأما العلماء المجتهدون فلا يجوز لهم اتباعهم حينئذ» (٢).

وقال الشافعي : «أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله لا يجوز له أن يدعها لقول أحد من الناس»، وقال أبو عمر وغيره من العلماء: أجمع الناس على أن المقلد ليس معدودا من أهل العلم، وأن العلم معرفة الحق بدليله،،،»، قال ابن القيم بعد ذكر هذا: «فقد تضمن هذان الإجماعان إخراج المتعصب بالهوى والمقلد الأعمى عن زمرة العلماء وسقوطهما باستكمال من فوقهما الفروض من وراثة الأنبياء،،، إلى أن قال: «وكيف يكون من ورثة الرسول من يجهد ويكدح في رد ما جاء به إلى قول مقلده ومتبوعه، ويُضيع ساعات عمره في التعصب والهوى ولا يشعر بتضييعه،،،» (٣)، انتهى.

وقوله: «واقتفاء آثارهم»، القفو الاتباع، يقال قفاه يقفوه إذا اتبعه، وهو من القفا،


(١) «إعلام الموقعين عن رب العالمين» (٢/ ٢٤٦/ ٢٦٥).
(٢) «إعلام الموقعين عن رب العالمين» (٤/ ١٢٤).
(٣) «إعلام الموقعين عن رب العالمين» (١/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>