٧٦ - «ولا يضرب في الجعل أجل في رد آبق أو بعير شارد أو حفر بئر أو بيع ثوب ونحوه ولا شيء له إلا بتمام العمل».
الجعل بضم الجيم وسكون العين هو العوض الذي يعطى للعامل على عمله، والجعالة مثلثة الجيم هي ضرب من الإجارة، يقال جاعل الرجل إذا سمى له عوضا يعطيه إياه متى أتم العمل، وقد أجيزت للحاجة إليها، وجاز فيها من الجهالة ما لا يجوز في الإجارة، رعاية لتفاوت قدرات الناس على العمل فإن العمل الذي يتمه زيد في شهر قد يتمه عمرو في عشرة أيام فراعى الشرع اختلاف القدرات، فكانت جائزة لما في ذلك من المصالح للخلق، ودليل مشروعية الجعالة في الجملة هو دليل الإجارة، أما بخصوصها فقوله تعالى: ﴿قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (٧٢)﴾ [يوسف: ٧٢]، ومن السنة حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري (٢٢٧٦) ومسلم وغيرهما في قصة اللديغ، وفيه قول أحد الصحابة:«ما أنا براق حتى تجعلوا لي جُعْلاً»، فصالحوهم على قطيع من الغنم، وفيه قول النبي ﷺ:«قد أصبتم اقتسموا واضربوا لي معكم بسهم»، وقد حد ابن عرفة الجعالة بقوله:«عقد على عمل آدمي بعوض، غير ناشئ عن محله به لا يجب إلا بتمامه»، انتهى، فدخل في الطرف الأول الإجارة، وخرج الكراء على اصطلاح المذهب، وخرج بقوله غير ناشئ عن محله به القراض والمساقاة وشركة الحرث، وإنما علق العوض على تمام العمل لكون الجعل لا يتبعض.
والأعمال منها ما تصح فيه الجعالة ولا تصح الإجارة وهذا إذا كان العمل مجهولا كالتعاقد على استنباط الماء، ومنها ما تصح فيه الإجارة والجعالة كالتعاقد على بيع شيء أو شرائه أو اقتضاء دين، ومنها ما تصح فيه الإجارة دون الجعالة كحفر بئر في أرض مملوكة للجاعل، بخلاف حفرها في الأرض الموات، وتختلف الإجارة عن الجعالة في أمور هي: