٣٤ - «ومستحق الأرض بعد أن عَمَرت يدفع قيمة العمارة قائما، فإن أبى دفع إليه المشتري قيمة البقعة براحا، فإن أبى كانا شريكين بقيمة ما لكل واحد».
قوله «عمرت الأرض»، أي صارت عامرة، وهو مثلث الميم كنصر وكرم وسمع، وقد أفرد المصنف استحقاق الأَمَةِ بالذكر لما لها من الخصوصية، ثم ذكر بقية المستحقات ممثلا لها باستحقاق الأرض، وهي إما أن يكون من ملكها بشبهة قد عمرها بالبناء والغرس أولا، فإن لم يكن قد عمرها فالأمر واضح، وإن كان قد عمرها فالمستحق مخير بين ثلاثة أمور: فإما أن يدفع للمالك الثاني قيمة العمارة قائمة ويأخذ أرضه، وإما أن يدفع إليه المالك بالشبهة قيمة الأرض براحا، أي خالية مما عمرت به، فإن أبى كانا شريكين في الأرض المعمورة بنسبة ما لكل منهما، فالمستحق بنسبة أرضه غير معمورة، والمستحق منه بنسبة قيمة عمارته، ويقال مثل هذا فيمن ملك ثوبا بشبهة فرقعه، أو سيارة فأصلحها، أو دَارًا فجددها، وإنما ابتدئ بتخيير المالك الأصلي لأن ملكيته خالية من الشبهة، وإنما روعي في الاستحقاق قيمة العمارة لأن المالك الثاني أخذها بوجه مشروع، وكذلك لو اشتراها من يد غاصب غير عالم بالغصب، وقد استثنوا من هذا الأمر الأرض الوقف يبني فيها المالك بالشبهة، فإن حكمها نقض العمارة لا غير، لأن إعطاء قيمة العمارة يؤدي إلى بيع الوقف، ولأنه ليس لمالك الوقف شخص معين فيطالب بذلك، وقوله يدفع قيمة العمارة قائما هذا يكون على التأبيد إن كان الباني مشتريا مثلا، وقد يكون مغيا إذا كان الباني مستأجرا للأرض أو مستعيرا وحصل الاستحقاق قبل انتهاء مدة الاستئجار أو الإعارة.
وقد روي أن أبا بكر الصديق ﵁ أقطع رجلا أرضا فأحياها وغرس فيها، ثم