٠٩ - «ولا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين مفترق خشية الصدقة، وذلك إذا قرب الحول، فإذا كان ينقص أداؤهما بافتراقهما، أو باجتماعهما؛ أخذا بما كانا عليه قبل ذلك».
هذا أيضا من كتاب الزكاة المأثور، والمراد منه المنع من اللجوء إلى الحيلة لتجنب قدر المخرج زيادة أو نقصا، فيحتمل أن يكون النهي موجها إلى مالكي الماشية كل منهما ترعى غنمه على انفراد، فإذا اقترب مجيء الساعي ضما غنمهما بعضها إلى بعض لتقل الصدقة، وقد قيل إذا كان الخلط قبل الحول بشهرين؛ فهم خلطاء، وقيل ولو أقل من الشهرين ما لم يتقارب الحول جدا، ويكون غرضهما الهرب من الزكاة، ويحتمل أن يكون الكلام موجها إلى الجابي أيضا بحيث لا يقدم على الجمع أو على التفريق لتكثير الصدقة أو تقليلها.
ومثال الجمع بين المتفرق لتقليل الصدقة ثلاثة أشخاص لكل منهم أربعون شاة، فيجعلون ذلك شيئا واحدا، فلا يكون على كل منهم إلا ثلث شاة بالقيمة، وكان الواجب على كل منهم شاة، ومثال التفريق بين المجتمع خشية الصدقة؛ شخصان لكل منهما مائة شاة وشاة، فيفرقان غنمهما في آخر الحول خشية كثرة المأخوذ، فيؤخذ من كل منهما شاة، وكان الواجب عليهما في حال الجمع ثلاث شياه، فهذه حيلة محرمة، ومتى اطلع عليها أخذ من المالك الزكاة كما لو كان منفردا، لأنه في حكم مانع الزكاة، وكما لا يجوز أن يفعل المالك ذلك؛ لا يجوز أن يفعله الجابي ليكثر المأخوذ أو يقلله، لأن النبي ﷺ نهى عن الجمع والتفريق خشية الصدقة، فيشمل ذلك كل من فعله من أرباب الأموال والمصدقين، لأن في الأول أخذ حق المساكين، وفي الثاني إما أخذ حقهم، وإما أخذ مال الناس بالباطل.